مكاتب الزواج السري ... بين الواقع والخيال ..؟!

اثنين, 11/23/2015 - 20:11

يعتبر الكثير من النساء ، وخاصة الغيورات على أزوجهن الزواج السري نمط من أنماط القصص الخيالية المنتشرة في الصالونات والأماكن العامة.. رغم أنه أصبح وسيلة تدر على البعض بالمال الوفير ، وميدان لخلق العلاقات في أعلى المستويات ، وله مروجون كثر عبر مراكز منتشرة في كامل أركان العاصمة تديرها نساء ويرتادها الرجال والنساء من مختلف الأعمال زهرات لم تتفتق ، وفتيات في متوسط من العمر وسيدات ، ومثلهم من الرجال .
وإذا كان البعض ينفى في وجود مثل هذه المراكز التي تَنظٍر لانتشار ظاهرة الزواج السري والتعدد في الزوجات ،فإن بعض المروجين لهذه الظاهرة التي كانت شبه غريبة في مجتمع مثل موريتانيا قد كشف عن نفسه في أكثر من مرة على الهواء من خلال القنوات المرئية ، وأعلن جهارا أنه يعمل على تسهيل الزواج بشتى أشكاله لضمان سنة الوجود وتجنيب الشباب الآثام .
هذا فضلا عن المكاتب التي تعمل في الخفاء والممولة من قبل هيئات خارجية إسلامية ، تديرهم نسوة اكتسبن مهنة "الدلالة"من السعودية ويعملن لاكتساب منها في الوطن .
فهل ظاهرة الزواج السري حقيقة معاشة حسب ما يؤكد البعض .. أم أنها مجرد قصص خيالة كما يتوهم البعض الآخر .. وكيف يتم التنسيق والتنظيم له إذا كان واقعا .. وما هي ابرز الجهات التي تنشط في هذا المجال .. وهل هو ظاهرة سيئة كما يصفها البعض .. وما هو موقف الدين منه ..؟ هذا ما سنلقي عليه الضوء من خلال هذا التحقيق الذي يعده موقع الحوادث .
المجتمع قبل غزو المدينة و العولمة ..وظهور"الدلالة"..
رفض المجتمع الموريتاني قبل أن يتحول إلى المدينة وتغزوه العولمة الاعتراف بطاهرة الزواج السري ،رغم حالات نادرة الحدوث ،بسبب تحكم العادات والتقاليد البدوية والروابط لاجتماعي التي كانت تحاصر الرجل وتقف عائقا يقيده عن ممارسة الكثير من الأعمال التي لا يرفضها المجتمع مع الدين شرعها مثل ممارسة التعدد الزوجي لمن له القدرة ، الأمر إلذي جعل الرجل يلجا إلى الزواج السري رغم العواقب السيئة التي سيجنيها في حالة اكتشاف فعله من غضب مجتمعه عليه .
وظلت ظاهرة الزواج السري في نظر المجتمع لعنة لا تقبل المرأة صاحبها تحت أي ظرف كانت حتى وإن قدر لها أن تموت عانس ، ومع ظهور المدينة وتحول المجتمع للعيش فيها رغما عنه بسبب الجفاف الذي جاء على الأخضر واليابس ، واحتكاكه بغيره من شعوب العالم من خلال المدينة .
وفتحت العولمة أمام المرأة الآفاق لتخرج على العادات والتقاليد وتكفر بالكثير من المعتقدات والهواجش التي خلقها الرجل للهيمنة عليها واستغلالها كوسلة للاستمتاع وخدمته.
وفي مطلع التسعينات شهدت المرأة هجرة واسعة من البلاد إلى المملكة السعودية بقصد الحج ومجاورة قبر الرسول بالمدينة المنورة ، واضطرت إلي ممارسة الزواج السري مع البلديين السعوديين لتأمين مصاريف عيشها، ونشأت عن تلك الممارسة علاقة بين المرأة الموريتانية والبلدين من المدمنين على الزواج السري ، واستغلت الموريتانية العلاقة لقصد بدأ شريفا-قبل أن يدخل الخط عليها أصحاب النوايا السيئة من النساء اللاتى حولنه إلى تجارة للرقيق الأبيض - - بدء الأمر حيث كان البعض من هؤلاء النسوة يرسلن في طلب بنات أسر فقيرة للتخفيف عليهن من الواقع الذي تعيشه الأسر من الفقر المدقع بين أحياء الانتظار والأرياف النائية لتزويجهن لبلديين ، وبذلك تستفيد الأسر من المهر الغالي الذي يدفع البلدي ويعم النفع عليهن ، ومن تلك العلاقة المتعدية تكونت نواة "الدلالة "الموريتانية بين المجتمع السعودي .
ومع الزمن تحولت ظاهرة" الدلالة "المعروفة لدى العامة ب(القوادة) التي تمثلها المرأة الموريتانية القاطنة في السعودية إلي وسيلة للكسب خاصة مع تنامي الفقر وانتشار الحاجة بين الأسر في البلد ،مما دفع الأسر إلى الاستسلام لعروض "الدلالة" التي تستهدف في الغالب الأسر الضعيفة الفقيرة من مجتمعها و التي لديها عددا كثيرا من البنات وتجد عجزا في الصرف عليهن فتضطر الأسرة بدافع الحاجة وإغراء الدلالة إلى إرسال بناتها أو بعضهن .
تفاقم وضع "الدلالة" اثر دخول خط عليها مخنثين هاجروا من البلاد هربا من المتابعة القضائية والشرطة الموريتانية لهم على خلفية قضايا أخلاقية ، خاصة بعد كشف السلطات في السعودية النقاب عن المقنعات رائدات الظاهرة وضبط بعضهن في حالة اشتباه وأخريات في حالة تلبس مع مخنثين ، وسلطت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأضواء على الموريتانيات المقيمات إقامة غير شرعية وغيرهن من المقيمات إقامة شرعية .
ونشأ عن تداعيات الصراع بين السلطات و"الدلالات" مغادرة الكثير منهن المملكة السعودية إلى الوطن ليستنسخن نفس العمل ويمارسنه في بقناع مزيف ، خاصة أن التربة صالحة في ظل الكثافة السكانية التي تشهدها العاصمة ، والضغوط التي يعانيها الرجل من المرأة مما جعله يتبرم من جو البيت ويبحث عن حضن يهرب إليه فيستريح فيه ولو كان ذلك سيكلفه كثيرا .
وبدأت ظاهرة الزواج السري مع دعوة "الدلالات القادمات" من السعودية بالترويج للزواج السري وفتحهن بيوتات في أحياء يستقبلن فيها الخاصة من رجال الأعمال والتجار والجميلات من النساء اللاتي يبحثن عن المال من خلال الزواج السري ، ونجح مشروع بعضهن بنسبة كبيرة فكانت بيوتاتهن التي تحولت إلى صالونات كبيرة وجهة لطالبات الزواج ومثلهن من الرجال.
أشهر مكاتب" الدلالة "للزواج السري..
المركب "الأولومبي"نقطة الألتقاء..
يعد "المركب الألومبي" أكبر مكان تصطاد فيه "الدلالة" ، ففيه تلتقي بجميع أشكال طبقات المجتمع الراقي والمتوسط إناثا وذكورا، وتلعب فيه كل الأدوار لاستدراج زبنائها من النساء من لعب دور قراءة الحظ "الكزانة" إلى دور التاجرة وتارة و المرشدة الدينية التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بارتكاب أخف الضررين الزواج الزواج السري لحفظ الفرج والتحصن من ارتكاب الحرام .. والدعوة زيارتها في صالونها .
صالون عرفات"العمود13"..
ومن أكبر المكاتب التي تنشط في موضوع الزواج السري صالون (م،ن) في عرفات بجوار المسجد المعروف ب"مسجد ولد سيدي يحي" تشرف على هذا المكتب سيدة لديها علاقات واسعة مع شتى أنواع التركيبة الاجتماعية لمكانتها الاجتماعية المنحدرة من الجنوب ، وتربطها صلات قوية بالأجهزة الأمنية استمدتها من علاقتها بمدير الأمن السابق في عهد معاوية ولد سيداحمد ولد الطائع (اعل ولد محمد فال) ، بالإضافة إلى عملها في السياحة .
وتساعد السيدة في إدارة المكتب مجموعة من النساء جلهن من المقربات منها (أختها ، وقريبات لها من العشيرة ، والجيرة ) يختلف أسلب إدارة السيدة لمكتبها عن أساليب غيرها فهي تهم بالمظهر والطراز والديكور والأكسسوار التي تختارها لصالونها وغرفها الخاصة، وذلك ربما بسبب الثقافة التي اكتسبتها من أسفارها خلال عملها في السياحة ، وهدا ربما هو الذي جعل جل زوار مكتبها من تجار الأسواق الأغنياء ، والتجار في الخارج بالكونغو ، وأنغولا..والخليج) هذا فضلا عن شخصيات مؤثرة في النظام تزور المكتب في أوقات خاصة .
وحسب المعلومات فإن هذا المكتب يحصل على مساعدات من جهات خليجية إسلامية تشجع الزواج ، والدليل الإحصاء الذي تقوم به مديرة المكتب لعقود الزواج التي تتم في صالونها وتحت إشرافها ، والمساعدات التي تقدم للمتزوجات في مكتبها.
مكتب دار النعيم.. قرب مطعم الأزهر
نقدم صورة حية من المكاتب المنتشرة في دار النعيم حيث تدير السيدة (س،ف) في حي ملتقى (تنسويلم) شمال مطعم (الأزهر) مكتب للزواج السري،وهذه السيدة هاجرت في بداية التسعينات إلى السعودية واستوطنت في حي من أحياء مكة المكرمة المجاورة للمسجد الحرام وتعرفت على شخصيات وازنة من مستثمرين وأمراء فعملت "دلالة"بعد تجاوزها سن الزواج فصارت تجلب الفتيات من موريتانيا لزبنائها البلديين وحصلت من ذلك على أموال كثيرة عادت بها إلي موريتانيا بعد أن ضاق الحال بأمثالها بسبب متابعة الشرطة ومداهمات الهيئة .
والآن تعمل مرشدة للحلال بين النوادي والحفلات تدعوا للكف عن الحرام والذنوب بالزواج ، وارتبطت بعلاقات واسعة مع سيدات من المجتمع بسبب احتكاكها بهن في الأسواق حيث تنمي ثروتها الكثيرة ، وتتطفل على العمل الخيري حيث تؤوي في شق من منزلها أسر من الزنوج يحرسون لها منزلها أثناء غيابها ويؤنسون وحدتها في وجودها ، فلم يقدر لها الله الخلف .
"الدلالة" المتحركة ....تابع