التعديل الأمني الأخير .. والتركيز على أقارب الرئيس

جمعة, 11/04/2016 - 18:51

قراءة في الحالة الأمنية ،والتعديل الأخيرة؟

انتظار تمخض عن لاشيء .. منذ أن أزيح المفوض الإقليمي محمد الأمين ولد أحمد عن منصب المدير المساعد للأمن وتعيينه واليا على مقاطعة انواكشوط الشرقية والانتظار والترقب هو سيد الموقف في قطاع الشرطة الذي يعاني - منذ الانقلاب على الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطائع - من خمول وتناقص في العدد  على أثر توقيف الاكتتاب فيه لسنوات متتابعة وارتفاع نسبة المتقاعدين والطرد خلال السنوات الفائتة وما تبع ذلك من  اكتتب قطاع أمن الطرق ليحل مكانه في تنظيم المرور وجمع الضرائب والذي كان الهدف من ورائه القضاء على الشرطة التي سحبت منها جميع الصلاحيات وأحيل ما كانت تقوم به من عمل في البحث والمتابعة لقطاعات - الدرك ولقطاع الجديد أمن الطرق- وأفرغت من من ذاتها- بمضايقة القطاعات التي أحيلت إليها مهمتها لها- تحولت إلى صورة قاتمة معزولة في هياكل- مفوضيات- تتوزع بين المقاطعات ترد إليها يوميا مئات الشكايات والبلاغات عن حوادث السرقة والجرائم المختلفة لكن التعليمات الواردة من القيادات العليا قيدت نشاطها وجعلتها عاجزة عن تحريك ساكن .

ولكن حالة الشلل المقعد الذي أصاب الشرطة ، وفقدانها لدورها وصلاحيتها لم يمنع الجهات العليات التي وراء تقييدها وسحب الصلاحيات منها – وتخويل كامل الحرية والحركة للقطاعات الأخرى- من أن تلجأ إليها عندما تتعقد الأمور وتخرج عن السيطرة .. خاصة في الحالات التي يتعرض فيها الأمن لجرائم بشعة وتحتاج  الوضعية لخبير يعرف الميدان .. ففي أكثر من حالة وقف جهاز الدرك وأمن الطرق مرتبكا في حوادث جرائم قتل وسرقة فاضطرت القيادة إلى اللجوء إلى الشرطة وتنجح بسهولة في تفكيك اللغز وضبط الضالعين في الحوادث ويحسب العمل لحساب (الدرك، أو أمن الطرق).؟

محاولة سحية لبحث الحياة

إذا كان النظام يحاول الآن من خلال حركة سحية أن يبعث الروح في قطاع الشرطة الآيل إلى الذوبان،وذلك باكتتاب دفعة من مأتي شرطي وما يناهز ثلاثين مابين المفتشين و الضباط والمفوضين من خارج القطاع وداخله وبناء مفوضيات.. فإنه يسعى بطريقة أخرى إلى جعل القطاع رهين محبسه حتى لا يجد متنفسا للخروج.. والأسباب ترجعها المصادر إلى عوامل شتى؟.. منها أن ولد عبد العزيز يعاقب القطاع على جريرة خلاف بينه وولد محمدفال.

 ومنها أن الرجل- ولد عبد العزيز- عسكري ولا يثق في غير العسكر ويعتبر القطاعات الغير عسكرية هشة ضعيفة غير قادرة على أداء مهمتها.. وحتى يفرغ الشرطة من محتواها أوكل مهمة الإتصالات لضابط من الجيش وأبعد المنادين بتحرير القطاع من التبعية للجيش ويقولون بأحقية الشرطة  في أن تدار من قبل قادة من قطاع الشرطة يعرفونه ويعيشون حقيقته و لديهم القدرة الفكرية والفنية على إصلاحه والرفع من مستواه.

 وكان قرار إبعاد المفوض الإقليم بادرة حسنة توقع رواد هذه الفرضية أن ستتبعها إجراءات إصلاح مشابهة  ستخرج القطاع من هيمنة الردكاليين الذين يمثلهم الجيل الأول أصحاب الفكر الرجعي والذين  يعتبرون الأمن من مهمة الحاكم والوالي ..وأن الأمن محصور على التقليد المتبع في تخصيص أفراد لمرافقة محصلين البلدية والخزينة وعمال الصحة وأفراد يناوبون في مقر المفوضية لجمع الضرائب من المنسبات والميلاد"الإسماء".

وضعية الشرطة من الأسوء إلى الأسوء ..؟

إن الحديث عن وضعية الشرطة ذا شجون بسبب الحالة الرديئة التي تعيشها عكس غيرهم من القطاعات على جميع أصعدة الدولة،الأمر الذي جعلهم عرضة للنهش والازدراء الناتج عن مجموعة عوامل ساعدت في تعزيزه.. من هذه العوامل عدم اهتمام القيادة في الإدارة العامة صاحبة القرار بشأن الشرطة الداخلي الذي يتمثل في تشجعهم معنويا على البذل والعطاء ولوجستيا من خلال تقديم آلية العمل والظروف التي تمكن من القيام به .

هذا فضلا عن مساهمة الرؤساء في المفوضيات على تقزيم القطاع وتهميشه وذلك عبر تخصيص المفوضية وتحديد دورعمل الشرطة فيها على شخصه- المفوض- ومساعد يرافقه يترحل به حيث ما ارتحل لدواعي خاصة – منها ماهو نفعي، ومنها ماهو معرفي يكلفه بمهمة الشرطة القضائية والمهام التي لها علاقة بالدخل المادي – ورئيس الهيئة الحضرية للاهتمام بالأمور الإدارية والمتعلقة بالشغب ومتابعة الأفراد الذين يبعثون للمؤسسات ذات المردود النفعي،فيما يعظم الموضوع ويتسع خطره إذا صعدنا تدريجيا إلى الإدارة العامة التي يتحدد فيها كل شيء من – علاوة، ترقية،تكوين،مسابقة-،من خلال العلاقات بقادة النظام والمقربين من الجنرالات والقادة العسكريين من أصحاب الرتب الموالية،ثم الجهوية والقبلية والنفعية،وبواسطة هذه السلم يكون الحظ والسعد حليف من لديه علاقة بهؤلاء.

ومن المفارقات التي تحضرني في هذا الموضوع تقريب أصحاب القرار في الإدارة العامة  لأشخاص – مديرين جهويين، ومفوضون في الداخل على قدر عظم الهدايا التي يقدمونها لهم من بدن وأموال وتحف نادر ثمينة نفيسة – حتى أن بعض هؤلاء المدراء يخصصون سيارات الشرطة لصيد الحيوانات البرية مثل – الأرانب ،والغزلان- لأن الطبيب ينصح المدراء بتناول لحم مثل هذه الحيوانات..هذا فضلا عن تقديم الأولوية والعناية لمن تربطهم بهم صلة  .

التعديل الأمني الأخيرة .. والتركيز على أقارب الرئيس

جاءت التعديلات الأخيرة منافية لكل التخيلات  والتوقعات التي كانت مفترضة خاصة أن الطامحين للتغيير كانوا يتوقعون أن تطبع التعديلات لمسات تحمل صورة تختلف عن التعديلات التي قبلها بحيث كان من المتوقع في ظل الحديث عن الإصلاحات التي ستطال قطاع الشرطة أن يشمل التعديل الجهوي لولايات انواكشوط أشخاص لها عمق في عمل الشرطة ولديها القدرة على تصحيح وضعية الشرطة المتهالكة .. لكن إعادة شخصيات ووضعهم في الاستشارية وإحلال مكانهم بآخرين أدنى منهم رتبة ومستوى خاصة في مناطق حدودية تعد من أخطر بئر التهريب والتوتر السياسي.. والملاحظات التي تثير الانتباه أكثر في التعديل الأخير إبعاد الضابط  ولد النجيب الذي شهد مكتب مكافحة المخدرات تحت إشرافه نشاطا مختلف النظير قاد إلى تفكيك عصابات لتهريب المخدرات ذات الخطر البالغ داخل العاصمة وخارجا في أقصى حدود البلاد الشمالية – شمال بير ام اغرين،واستبداله بالمفوض ولدحباب ، هذا بالإضافة إلى تبادل في المهام بين المفوضين الشباب،يعيد إلى الأذهان نهج الإدارة في كل تعديل.