مذكرات سجينة (الحلقة الثالثة)

خميس, 02/23/2017 - 11:55

..كان الليل ثقيلا، فالظلام يقبع بأرديته الدامسة على السجن الذي بدا عندما خيم الليل كالقبو المسكون بالجن، أصوات تنبعث من كل غرفة، بعضها يطلب النجدة من الحرس، والبعض يطلب خدمة، ورائحة القنب الممزوجة برائحة العرق والقذرات تفوح من كل شبر من الغرف المتزاحمة في مساحة  السجن الضيقة.

قطع الظلام في غرفتنا  نور مصباح في يد الزعيمة"شيتو"التي دخلت تدفع بعجرفة كل في كريقها حتى أخذت بجناح"ازوينه"من بيننا، لم ينقذها منها استجداءها، سحبتها، وغابتا في الظلام، بعد أن صفقت الباب وأحكمت "شيتو" غلقه بقفل ما يقارب كلغرام من الحديد الفلاذي.. ولم نعد نسمع غير همهمة ضجيج الأصوات في الغرف القريبة ، وطقطقة أرجل الحرس في الدهاليز، في هذا الجو المفعم بالخوف،وفي انتظار المجهول.. شعرت بأنامل رقيقة تتحرك على كتفي.. انتابتني رعشة والتفت إلى  الخلف، حيث التصقت بصاحبة الأنامل..وهي تردد.. هذه هي مشيئة القدر فينا، لا تنزعجي.. قريبا سيأتي دورك، وتسحبك مثل ما سحبت اوينه، وتبتين معها راضية أم كارهةنلا جديد هنا، قبو مظلم، الحياة فيها للقوي.. أجذت من تحت ثديها أشياء تبينت أنها لفافة.. وطلبت من صديقتها علبة ثقاب، أشعلت النار في رأس اللفافة وجذبت منها نفسا طويلة، وقدمتها إلى زميلتها التي جذبت نفسا آخر أطول من نفس الأولى، وتعاطى الجميع اللفافة إلى أن وصلتني.. وعندما امتنعت عن التدخين.. ضحك الجميع في استهزاء، وهن يقولن.. ستطلبينها، وستدخنيها..  قريبا..وتدخلت  نزيلة  ..هذه هي التي ستعطيك القوة لتحمل ما ستعيشه هنا بين أركان هذا القبو.. وستنسيك أنك ذلك البشر المظلوم،والذي أهين في لحظة من الزمن وزج به  في قبو مثل هذا السجن.. كانت راحة دخان اللفافة  الذي غطى مناكب الغرفة الضيقة كريهة، فحالت تغطية أنفى حتى يخف، لكن عجزت فقد عج في الغرفة، من تدخين رفيقاتي اللاتي خرجن عن وعيهن واستكانوا للهذيان.. كان صوت الباعوض الذي شكل عصابات توزعت على جسمي تنهشه، وتمتص دمي يطغى على هذيان الفتات.. تابع