نواكشوط وحوادث قتل مرعبة الحلقة الثالثة... مذكرات رقيب

جمعة, 03/02/2018 - 12:48

خطة القبض على الشبح  المرعب...

تركت المسجد إلى المكتب في المفوضية واستدعيت أفراد الفرقة لاجتماع  عاجل، تبادلنا فيه بكل حرية  الحديث حول الطريقة التي سنعمل عليها بناء على المعطيات التي حصلنا عليها، وقررنا أن نرسم حدودا تتحرك فيها دوريتنا، ورسمنا خطة عملنا لتلك الليلة على منطقة واحدة، نكثف فيها الدوريات على مرابض الحمير التي كنا قد حددناها سلفا في المنطقة.

ومرت تلك الليلة من غير أن تسجل حادثة، وفي الليلة الموالية زدنا من دائرة الحدود مع إحصاء لجميع نقاط  مرابض الحمير في الدائرة الجديدة، وكثفنا من الجهود لنسيطر على الوضعية أكثر، ومرت الليلة الثانية بسلام.. وفي الليلة الثالثة كنا قد أجرينا إحصاء شاملا لكل الحمير في المناطق المستهدفة في أماكن متفرقة ووضعنا رقابة مشددة من خلال الدوريات على هذ الأماكن. وبينما نحن نجوب الطرقات والأزقة نراقب تلك الأماكن من بعيد.. وبينما الوقت يتدحرج نحو بزوغ الصبح والناس تتأهب لصلاة الصبح، إذا بشح أسود يتحرك بسرعة البرق بين الأزقة والشوارع، يتجنب الأماكن التي فيها الإضافة، ويبحث عن المضايق المظلمة لشق طريقه إلى هدفه، وتبعت الشبح  الذي كان يتحرك بخطوات سريعة، وهو يفتش عن أماكن مرابض لحمير .. ثم  تحرك بسرعة ليتابع طريقه، إلا أن صوت حمار من بين مجموعة من الحمير في حائط قريب من المكان شد انتباهه، فتحرك بسرعة نحو الحائط الذي تسلقه وما إن لامست قدماه التراب حتى تنافر الحمير في حركة هستيرية.. تابعت خطوات الشبح وتسلقت الحائط خلفه من نفس المنطقة التي دخل منها، وقبل أن يوجه – الشبح- طعنة قاتلة بسكين  كان يلفه داخل ثيابه إلى أحد الحمير غافلته من الخلف وضبط على يده ودفعته حتى سقط أرضا على بطنه، وأحكمت السيطرة عليه حتى قيدت يداه  بالقيود الحديدية، وكان طيلة ذلك العراك يصرخ:".. اتركني أقتل الشيطان.. اتركني اقتل الشيطان.."ووقع مغشيا عليه من إثر الصدمة.

تبادلت الاتصال مع زملائي في الفرقة الذين كانوا يتوزعون بين النقاط المرسومة، وحملنا الشبح الذي تبين بعد ما حسرنا عنه الأسمال السوداء التي كان يختفي فيها، أنه شاب نحيف الجسم، مرسل الشعر، يرتدي ملابس داخلية قصيرة تحت الأسمال، ابيض البشرة، واسع العينين مع حول فيهما.. كما اكتشفت بعد وصولنا للمكتب أنه نفس الشاب الذي لفت انتباهي في المسجد.

وما إن بدت الشمس تأخذ مكانها في السماء حتى ضج داخل المفوضية وخارجها بالجماهير التي جاءت لتتأكد من خبر ضبط الشبح المجهول الذي بث في قلوب سكان المنطقة الرعب، ومن ضمن الجماهير عشرات الجزارين الذين جاؤوا ليقدموا شكرهم للجهة التي كانت وراء ضبط  الشبح.

وكشف التحقيق مع الشاب أنه مختل العقل، وأنه يتعالج على أخصائي أمراض نفسية ولديه وثائق تثبت ذلك..كما كشف التحقيق مع أسرته أن سبب الاختلال كان كثرة الأوراد التي أخذ عن أحد مشائخه في سن مبكرة، مما جعله يتخيل الشيطان في الحمير، وتولد له من ذلك كره للحمير.

بعد ثلاثة أيام تمت إحالة الشاب إلي النيابة في محكمة ولاية نواكشوط، حيث أودعته للسجن.