الإسلاميون في موريتانيا .. المؤسسات الفكرية والأموال المشبوهة..؟

ثلاثاء, 09/25/2018 - 19:28

أغلقت السلطات الموريتانية يوم الاثنين 24/09/2018 مركز تكوين العلماء الذي يتخذ من مقاطعة عرفات بولاية انواكشوط الجنوبية مقرا له، والذي يرأسه الشيخ العالم الداعية محمد الحسن ولد الددو.. هذا الإجراء الذي فاجأ الجميع، أثار لغطا واحتجاجا ورفضا واسعا خاصة بين المقربين من رئيسه، والمحسوبين على حزب الإصلاح والتنمية (تواصل).. وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي )الفيس بوك، اتويتر) ومواقع الأخبار.

بعض المهتمين بالموضوع يتهمون رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز بأنه ينفذ أجندة تعمل عليها المملكة السعودية الهدف منها التضييق على مراكز العلم والعلماء.. وبعض هؤلاء لمحوا بهذا من خلال مداخلات لهم عبر قناة الحوار في برنامج الرأي الحر الذي يقدمه صالح والذي كان تحت عنوان(موريتانيا.. الحرب على العلماء)، والذي بث على الأثير مباشرة اليوم الموالي لغلق المركز الثلاثاء 25/09/2018.

السؤال الذي كان محور البرنامج، وكان مقدم البرنامج، والمتدخلين يبحثون حول الإجابة عليه...لماذا أغلق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مركز تكوين العلماء..هل ينفذ أجندة السعودية لمضايقة العلماء والدعاة- حسب ما يعتقد البعض- أم أن السلطات تشتبه في أن المركز يغذي التطرف والغلو الديني..؟؟؟.

موريتانيا  ستظل منارة الإشعاع العلمي كما كانت..

قبل الخوض في الإجابة عن السؤال.. أو تفسير ما يعتقد حول الموضوع.. لا بد أن ننوه على ملاحظة بشكل سريع، تتلخص في أن موريتانيا كانت ولا تزال المنارة والزاوية التي أنتجت عشرات جهابذة العلماء الذين لأدهشوا العالم بذكائهم  وسعة حفظهم، وعمقهم المعرفي، فقد أسست مدن(شنقيط، وودان، وتيشيت، وتينقي... وغيرهم كثير يضيق المجال عن ذكره) من المراكز العلمية التي انتشر منها العلماء يبثون العلوم بكل المناهج، وبشتى المتون ومختلف الاسانيد الواردة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم والتابعين والسلف الصالح من بعد ذلك، وحتى اليوم، ما تزال موريتانيا تحافظ على مراكزها العلمية المتمثلة في (المحاظر) التي تتخذ من ربوع الصحراء الموريتانية مقرا لها، تنشر العلم وتخرج العلماء يحملون مشاعل الإرشاد والدعوة إلى الدين الحنيف المستقيم الذي لا تطرف فيه ولا غلو.

وما الشيخ العالم الداعية محمد الحسن ولد الددو إلى جوهرة من هذه الجواهر النادرة التي أنتجتهم (المحظرة) الموريتانية ينشرون العلم ويكونون العلماء.

 وحتى لا نبتعد عن للموضع الذي هو مبحثنا، والمتعلق  بالإجابة على:

ما هي الدوافع والأسباب التي وراء غلق - أو الحجز على مركز تكوين العلماء- من طرف السلطات الموريتانية، وحتى لا ندخل في متاهة تبرير فعل السلطات، أو  شكوك أصحاب المركز.. سنحاول الدخول في صلب الموضوع عبر سؤال يطرح نفسه:

ما هي الجهة التي أنفقت على بناء المركز.. وتنفق على مصاريفه كل سنة..إذا كان ليس للدولة الوصي ضلع في ذلك..؟.. وإذا كان تمويل المركز – حسب ما يتذرع البعض من المقربين لرئيسه، من تجار ومحسنين. فمن هؤلاء التجار والمحسنين.؟.. ولماذا لا يكشف رئيس المركز الممولين..؟.. وإذا كان التمويل من الخارج،فلأي غرض..؟.

الإسلاميون في موريتانيا ..المؤسسات الفكرية والأموال المشبوهة

أليس الشيخ محمد ولد سيدي داعية وواعظ، ولديه شعبية كبيرة تضيق بها مناكب موريتانيا، ومن بين شعبيته التجار الأثرياء، لماذا ليس لديه قصر في تفرغ زين، تجول فيه حرائر الخيل الغالية..وليس لديه مركز لتدريس وتكوين العلماء.. رغم أن الشيخين تخرجا من مدرسة واحدة.

هذا يعني أن المناهج لدي الشيخين تختلف،فالشيخ ولد سيدي يحي يهتم بالأمور الدينية للعامة، ووعظهم في المساجد.. والشيخ الددو استغل علمه وذيوع اسمه، وأسس على ذلك مؤسسات لتوسيع مدرسته الفكرية التي تشتم منها السلطات رائحة  التطرف والغلو، أو حسب ما يفهمه منها أتباعه الذين يقدمونه على أنه مرشدا روحيا وفكريا للحركة الإسلامية- الحديثة – في موريتانيا والمتجلية في حزب (تواصل).

لاشك أن انشغال العلامة ولد الدوو في  تنظيم مناهج فكره داخل مؤسسات مغلقة، في ظرفية يعيش فيها العالم خاصة - العربي الإسلامي - قلقا بسبب الانتشار الواسع للفكر المتطرف بين الشباب، مما خلق الكثير من التخوش لدى دولة مثل موريتانيا ما تزال تعيش أثار صدمة عنيفة بسب التطرف والغلو، وقع مجموعة من شبابها ضحيته.

ولا شك في أن هذه الشكوك هي التي جعلتها تقدم على حجز أو غلق مركز تكوين العلماء الذي يرأسه ويكون فيه خرجوا من المعهد السعودي -الذي تم غلقه في نظام ولد الطائع لأنه كان معقلا من معاقل التطرف والغلو،- بالإضافة سرية مصدر تمويله والإنفاق عليه.

إن الأموال التي تضخ في المؤسسات المحسوبة على الإسلاميين، والتي من ضمنها (مركز تكوين العلماء،  ومركز النور الصحي، وجامعة عبد الله بن ياسين)، والأموال التي تبيض عبر وكالات الصرف، وتحويل الأموال ، والتي طغت على أسواق تجارة بيع الهواتف الذكية(الأندرويد)..وليس غريبا، ولا يعد تنفيذا لأجندة دولة أو مملكة معينة  إذا قررت السلطات الموريتانية حرصا منها على أمن مواطنيها وسلامة معتقدها ودينها أن تبحث في أمر مثير للريبة والشك... يتمثل في الإسلاميون....والأموال المشبوهة..؟

  محمد أحمد حبيب الله