دعا الرئيس الجديد لكوريا الجنوبية يون سوك-يول جارته الشمالية إلى نزع سلاحها النووي مقابل مساعدات اقتصادية ضخمة، وذلك في خطاب القسم الدستوري الثلاثاء معتبرا أن صواريخ بيونغ يانغ تهديد للأمن الإقليمي والدولي.
يتسلم يون (61 عاما) الذي باشر مهامه في غرفة محصنة تحت الأرض بإحاطة أمنية حول كوريا الشمالية، سدة الرئاسة في وقت تشهد العلاقات مع الشمال توترات شديدة مع إجراء بيونغ يانغ 15 تجربة على أسلحة منذ كانون الثاني/يناير بينها تجربتين صاروخيتين الأسبوع الماضي.
وأعلن يون، المدعي العام السابق الذي حقق فوزا بهامش ضئيل في انتخابات آذار/مارس، في خطاب القسم إنه مستعد لإرسال مساعدات اقتصادية قادرة على إحداث تغيير، إلى الشمال في حال تخلت بيونغ يانغ أولا عن أسلحتها النووية.
وقال "في حال شرعت كوريا الشمالية بصدق في عملية نزع السلاح النووي، نكون على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي لتقديم خطة جريئة من شأنها تعزيز اقتصاد كوريا الشمالية بشكل كبير وتحسين نوعية الحياة لشعبها".
اتبع سلفه مون جاي-إن سياسة الحوار مع بيونغ يانغ، وتوسط في عقد قمم بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب. لكن المحادثات انهارت في 2019 وتوقفت الدبلوماسية منذ ذلك الحين.
وأضاف يون في خطابه "بينما تشكل برامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية تهديدا ليس فقط لأمننا وأمن شرق آسيا، فإن الحوار سيظل مفتوحا كي نتمكن من حل هذا التهديد بشكل سلمي".
لكن محللين يعتبرون عرض مساعدة "جريئة" محكوم بالفشل، وأن كوريا الشمالية التي تستثمر جزءا كبيرا من ناتجها المحلي الإجمالي في برامج أسلحة تحظرها الولايات المتحدة، وأكدت منذ وقت طويل عدم استعدادها للتخلي عن السلاح النووي مقابل مساعدات.
قال الاستاذ في جامعة إيوها بارك ون-غون لوكالة فرانس برس "منذ 2009 أعلنت كوريا الشمالية أنها لن تتخلى عن أسلحتها النووية في مقابل حوافز اقتصادية".
أضاف "تصريحات يون ستستفز بيونغ يانغ التي ستعتبر ذلك هجوما".
ورأى تشاد أوكارول من موقع إن كي نيوز المختص ومقره سيول، إن كيم لا يريد نموا اقتصاديا كبيرا لأن تحقيق ذلك سيتطلب فتح النظام البيئي للمعلومات في كوريا الشمالية.
وكتب على تويتر: "التلوث الأيديولوجي سينتشر بسرعة، وهو خطر رئيسي على حاكم بيونغ يانغ ... خطط يون لنزع السلاح النووي لن تفضي إلى نتيجة ... لأن +الجزرة+ سامة في الواقع''.
خطوة لا تحظى بشعبية
قال يون في خطاب القسم إن كوريا الجنوبية تواجه "أزمات متعددة" ذكر منها جائحة كوفيد ومشاكل سلاسل التوريد والصعوبات الاقتصادية والنزاعات المسلحة والحروب.
وأضاف أن "مثل هذه الأزمات المعقدة متعددة الأوجه تلقي بظلال قاتمة علينا" معبرا عن ثقته في أن البلاد ستتخطى صعوباتها الحالية.
وقال "الكوريون لم يستسلموا أبدا، أصبحا أقوى وأكثر حكمة".
لكن من غير المرجح أن تكون ولايته سهلة، إذا يتولى مهامه مع تأييد شعبي من الأدنى لأي رئيس كوري جنوبي منتخب ديموقراطيا.
وأظهر استطلاع لمركز غالوب أجري مؤخرا نسبة تأييد بالكاد تصل إلى 41 بالمئة، فيما بلغت شعبية الرئيس المنتهية ولايته مون في المقابل 44 بالمئة.
وأكبر أسباب عدم شعبية يون، بحسب الاستطلاع، هي قراره نقل المقر الرئاسي من قصر بلو هاوس إلى المقر السابق لوزارة الدفاع في وسط سيول، متخليا عن تقليد استمر عقودا.
وأثارت تلك الخطوة المتسرعة والمكلفة استياء بين العامة، وقال مراقبون إنها غير ضرورية وتهدد أمن البلاد في وقت يتصاعد فيه التوتر مع الشمال.
وقال يون إن قصر بلو هاوس، الواقع في المقر الذي كانت تستخدمه إدارة الاستعمار الياباني من 1910 لغاية 1945، هو "رمز للقوة الاستبدادية" معتبرا أن نقل المقر سيضمن رئاسة أكثر ديموقراطية.
وسيُفتح حرم القصر كحديقة عام، وخلال إلقاء خطاب القسم بثت مشاهد حية أظهرت عددا من الأشخاص يسيرون باتجاه المجمع الذي كان محصنا ذات يوم.
نُظمت مراسم التنصيب الرسمية في ساحة الجمعية الوطنية في سيول، وتخللها استعراض لجنود بالزي الرسمي و21 طلقة مدفعية.
حضر قرابة 40 ألف شخص مراسم التنصيب الرسمية التي اعتبرت تقارير محلية أنها الأكثر تكلفة من نوعها وقد بلغت كلفتها 3,3 مليار وون (2,6 مليون دولار).
وكان من بين الحضور الرئيس السابق مون وسلفه الرئيسة السابقة بارك غوين-هيي التي خرجت من السجن مؤخرا بعفو من مون.
وأوفد الرئيس جو بايدن المتوقع أن يزور سيول في وقت لاحق هذا الشهر، وفدا رفيعا من ثمانية أشخاص على رأسهم دوغلاس إيمهوف، زوج نائبته كامالا هاريس.
كما أوفدت اليابان والصين ممثلين رفيعي المستوى، في وقت قال يون إنه يريد إصلاح العلاقات التي شهدت توترا أحيانا مع قوى إقليمية.