الحوادث - ( فطمة المداحة )..شغل الناس في الحي صوتها العذب الذي يهز القلوب ويثير أشجان الكل في الحي من صغيره إلى كبيره رجالا قبل النساء ، ويُشيد بصوتها كل من سمعها وهي تمدح النبي الكريم في السهرات التي تحييها في الحي حيث تقود فرقة من النشادة ينشدون وراءها بالاغاني والمدائح.
لم تكن تريد من السهرات التي كان يحضرها الكثير من سكان الحي - النساء والرجال - الحصول على المال ولا الجاه ، وإنما تعظيمالنبي الكريم في مناسبات مجيد مثل الاعياد التي يكبر فيها ويعظم النبي واليالي المباركة مثل الجمعة.
وكان جميع الحي من فتايات وفتيان وصبية معجبين بها يحاكون صوتها ويحاولون تقليدها فتراهم زمرا وجماعات يحلقون في الأزقة وداخل الحيطان المهجورة يجتمعون في فرق وجماعات اطفال ويرفعون باصواتهم بالأناشيد والمدائح التي حفظوها عنها مثل ما تفعل ويقلدون حركاتها .
الآن تجلس المسكين وهي في عقدها الخامس بين أركان غرفة ضيقة لا تتسع لغيرها وعيانها تبحث في الفضاء حيث المجهول ، في المارة تبحث عن يعينها على تدبر شؤونها الخاصة من قضاء حاجة وشرب وأكل، بعد أن اصيبت بنوبة قلبية قادتها لمستشفى القلب ثم الأعصاب لينتهي بها المطاف الي الحال في غرفة كانت قد بنتها لها تعاونية في"ملح"بالتقسيط وقد فقدت النطق والحركة بسبب شلل كامل تستجدي المارة والجيران لمساعدتها .
تزوجها شاب يصغرها بثلاثة عقود تعرفت عليه في سهرة حضرتها خارج الحي وأغرمت به وتركت لارضائه حلقة المدح وتفرغت لرغباتها وبينما هي جاهدة خدمة متفرغة له تفاجأت به مع ابنة أختها وفي غرفته فصدمها المشهد وسقطت مغشيا عليها .
لم يقدر لها من الأبناء إلا بنت واحدة زوجتها في صحتها لقريب لها رحل بها إلى منطقة نائية في طرف من الأطراف البعيدة من خارطة موريتاني حيث يعمل جندي في كتيبة لرقابة الحدود الشمالية.
كل ما تتمناه المسكينة أن يقبل زوج ابنتها السماح لها بعيادتها ومرافقتها حتى يقضي الله فيهاماهو قاض .