في خطوة أولى لتغير جيوسياسي غير مسبوق ناجم عن الهجوم الروسي، عبر الاتحاد الأوروبي الجمعة عن دعمه لترشح أوكرانيا وجارتها مولدوفا إليه حتى "تعيش الحلم الأوروبي"، وفق ما صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين. ومن المتوقع أن يصادق زعماء دول التكتل على قرار الترشح للعضوية في قمة الأسبوع المقبل.
أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة دعمه ترشح أوكرانيا وجارتها مولدوفا للانضمام إلى الاتحاد ليصل بذلك إلى عمق الاتحاد السوفيتي السابق فيما قد يكون أكبر تحول جيوسياسي ناجم عن الهجوم الروسي.
ومن المتوقع أن لا يكون هذا الإعلان سوى بداية لعملية قد تستغرق سنوات عديدة إلا أنها تضع كييف على المسار الصحيح لتحقيق طموح كان من الممكن أن يكون بعيدا عن متناولها قبل أشهر فقط.
ويذكر أن أوكرانيا قد تقدمت بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد أربعة أيام من تدفق القوات الروسية عبر حدودها في فبراير/ شباط. وبعد أربعة أيام أخرى حذت حذوها مولدوفا وجورجيا وهما دولتان سوفيتيتان سابقتان أصغر حجما تتصارعان أيضا مع مناطق انفصالية تحتلها روسيا.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر صحافي إن "المفوضية توصي المجلس أولاً بإعطاء أوكرانيا أفقا أوروبيًا، وثانيًا بمنحها وضع المرشح. وهذا بالطبع شرط أن تنفذ الدولة عددًا من الإصلاحات المهمة".
وأضافت فون دير لايين "نعلم جميعًا أن الأوكرانيين مستعدون للموت من أجل الدفاع عن تطلعاتهم الأوروبية. نريدهم أن يعيشوا معنا، من أجل الحلم الأوروبي"، وذلك غداة زيارة قادة المانيا وايطاليا وفرنسا، أكبر ثلاث قوى أوروبية، عمدوا الى إيصال الرسالة نفسها. حظيت مولدافيا الجمهورية الصغيرة المجاورة لاوكرانيا بالدعم نفسه، اما جورجيا، الدولة القوقازية التي اجتاحها الروس أيضا في 2008،
من جهته نشر الرئيس فولوديمير زيلينسكي تغريدة على تويتر قائلا "إنها الخطوة الأولى على مسار العضوية في الاتحاد الأوروبي التي ستقرب بالتأكيد انتصارنا. "بسبب شجاعة الأوكرانيين على وجه التحديد يمكن لأوروبا أن تخلق تاريخا جديدا من الحرية وأن تزيل أخيرا المنطقة الرمادية في أوروبا الشرقية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا".
وكان من بين الأهداف الرئيسية للرئيس فلاديمير بوتين في شن غزو أسفر عن سقوط آلاف القتلى وتدمير مدن ودفع ملايين إلى الفرار وقف توسع الغرب شرقا من خلال التحالف العسكري لحلف شمال الأطلسي.
ورغم المساعي الروسي إلى تقويض توسع حلف شمال الأطلسي والغرب إلا أن إعلان الجمعة أكد كيف كان للحرب تأثير معاكس وهو إقناع فنلندا والسويد بالانضمام إلى الحلف الأطلسي والآن للاتحاد الأوروبي للشروع في التوسع المحتمل الأكثر طموحا منذ الترحيب بدول أوروبا الشرقية بعد الحرب الباردة.
من جانبه قلل بوتين من شأن قضية الاتحاد الأوروبي قائلا يوم الجمعة "ليس لدينا شيء ضده. إنه ليس كتلة عسكرية. من حق أي دولة الانضمام إلى اتحاد اقتصادي".
ومن المتوقع أن يصادق زعماء دول الاتحاد الأوروبي على قرار الترشح للعضوية في قمة الأسبوع المقبل. فيما أبدى زعماء الدول الثلاث الكبرى، ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، تضامنهم يوم الخميس بزيارة كييف مع رئيس رومانيا.
بوتين يهاجم الولايات المتحدة
رئيسة مولدافيا مايا ساندو أيضا أشادت بما قالت إنها "إشارة دعم قوية لمولدوفا ومواطنينا". وقالت إن حكومتها ملتزمة بالعمل الجاد بالنسبة لهذا الأمر.
في سان بطرسبرغ، حمل بوتين على الغرب في خطاب حافل بالشكوى أمام مؤتمر اقتصادي سنوي وصفه في وقت من الأوقات بأنه مؤتمر "دافوس الروسي" لكن المؤتمر يتعرض الآن للمقاطعة من الشخصيات المرموقة ورؤساء الشركات في الغرب.
وهاجم بوتين الولايات المتحدة قائلا إنها تعتبر نفسها "ظل الله على الأرض". وقال إن تعنت الغرب لم يترك لروسيا اختيارا سوى تنفيذ "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا، وتعهد بالتغلب على العقوبات الغربية.
وقال بوتين "نحن شعب قوي ونستطيع مجابهة أي تحد. إننا، مثل أجدادنا، سنحل أي مشكلة. تاريخ بلادنا الذي يرجع إلى آلاف السنين ينطق بذلك".
وفي حين أوصت المفوضية الأوروبية بمنح وضع الدولة المرشحة لأوكرانيا ومولدوفا، لم تفعل ذلك بالنسبة لجورجيا الأكثر اضطرابا والتي قالت المفوضية إن عليها أن تلبي مزيدا من الشروط أولا.
ويتطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سنوات من الإصلاح الإداري إذ أن هناك 35 "فصلا من الاشتراطات" تحدد المعايير التي يتعين الوفاء بها في مجالات تمتد من السياسة القضائية والخدمات المالية إلى سلامة الأغذية.
ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24
والعضوية غير مضمونة. وعلى سبيل المثال تأجلت المحادثات مع تركيا لسنوات، وهي عضو مرشج منذ عام 1999.
وإذا قُبلت أوكرانيا فإنها ستكون أكبر دول الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة والخامسة من حيث عدد السكان. والدول الثلاث التي كانت جمهوريات في الاتحاد السوفيتي وتطمح للحصول على العضوية أفقر بكثير من أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي الآن.
والدول الثلاث كلها لها تاريخ في الآونة الأخيرة مع الاضطراب السياسي والقلاقل الداخلية والجريمة المنظمة ونزاعات لم تحل مع انفصاليين موالين لروسيا يعلنون السيادة على أراض تحميها قوات روسية.