الحوادث – نواكشوط - فقد (إبراهيم ) الذي يعرفه الجميع ويناديه ب"المحارب القديم "آنسي كونمبتا"الكثير من عمره في خدمة الجيش ، شارك في حرب الصحراء وأصيب في إحدى المعارك بطلقة تركت تسببت لهب عرج رافقه طيلة حياته .
أحيل للتقاعد مع نهاية الحرب فعمل سائق شاحنة تنقل البضائع بين العاصمة نواكشوط ودولة مالي ليصرف على عائلته المكونة من صبيين صغيرين (صبي وصبية) الصبي يعاني من شلل عضوي ولد معه ،والصبية أصيبت بالصمم والبكم وفي سنها الرابعة من على إثر الإدمان على تناول الحلويات ، وزوجته التي تعاني من سرطان أقعدها عن الحركة .
وجد (المحارب القديم) نفسه مرغما على البحث عن وسيلة يصرف منها إلى جانب أسرته التي تحتاجه خاصة بعد عجز زوجته عن الحركة ففتح كشكا صغيرا لبيع الحلوى والسجائر والمثلجات ف ركن من قطعة أرضية حصل عليها بعد عناء.
لكن حالة زوجته ازدادت سوءا فاضطر لنقلها إلي مركز الإستطباب الوطني بالعاصمة وفيه أمطره المشرفون على علاجها من الأطباء بوابل من الوصفات حتى نفد كل ما كان معه من مال .. فأرغمته الحاجة لعلاج زوجته إلي بيع كشكه وعرض قطعته الأرضية فتقدم لشراء "سمسار" في الحي اشتراها بثمن باخس رغم موقع الاستراتيجي.
وصرف (المحارب القديم )ثمن الكشك والقطعة الأرضية على علاج زوجته التي لم تستطع المقاومة بسبب الداء العضال الذي رهل جسمها و نخر عظامها فرحت وتركته لهمومه ووحدته يكابد الألم ويصارع الحياة من أجل الأطفال .
وارتحل من الحي الشعبي الذي ربطته وشائج قوية بسكانه ليحط الرحال في مكان مهجور بحي من أحياء تفرغ زينه حيث استأجره أحد أغناء الحي ليشرف له على بناء قطعة أرض وحراستها .
ومن بين مجموعة من حرس المنازل في الحي انتقى (المحارب) زملاء له من ضمنهم عسكريين متقاعدين دخلوا الخدمة العسكرية بعده ..يطرب ويرتاح كثيرا عندما يثار حديث عن البطلات بأيام حرب الصحراء والمناوشات والمعارك التي دارت فيها ، حيث يتذكر مواقف له لازالت عالقة بذاكرته يحكيها باعتزاز بسبب أو بغير سبب مثل لحظة يمثل فيها دور الأسطورة التي نقذت الجيش هزيمة وخسارة مؤكدة كان الجيش باستراحة عند باغت العدو الجيش وأرسل في اتجاهه وابل من الرصاصة ، فتفرق الكل مابين هارب ومن يبحث عن مكمن يقاوم منه رصاص العدو ، ولم يبق في المكان غيره وضابط الفرقة واستطاعا أن يصدان الهجوم ويدحضان العدو ويرغمانه إلى التراجع نحو الخلف ويستدل على ما حدث بإصابته التي كانت سببا في إحالته للتقاعد.