غادر الرئيس الاستاذ المختار ولد داداه الحكم ذات هجوم فجر ( طيحة الفجر ) على قصر الرئاسة أطاح بنظامه و بعد أن تعرض للسجن و الإهانة حصل على رخصة سفر لغرض العلاج في الخارج و قد روي أن السلطات العليا للبلد طالبت في عهد الرئيس السابق محمد خونة ولد هيداله بإرجاعه بعد تماثله للشفاء فرد الرئيس الفرنسي السابق جسسكار ديستين على ذلك الطلب بقوله الشهير بأن فرنسا ليست ملحقا للسجون المورتانينة ..الواقع أن طلب النظام المورتاني حينها كان أساسا بهاجس الخوف من أن يتسبب وجود الرئيس االأول لمورتانيا المعروف بعلاقاته الواسعة دوليا من زعزعة استقرار هش نجم عن تصفية الحسابات بين أعضاء اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني الذين أطاحوا بحكمه…فباستثناء الفترة القصيرة لعهد رئيس الوزراء احمد ولد بوسيف التى شاء القدر أن تنتهي بتراجيديا وطنية ظل النظام الاستثنائي يضع الرئيس السابق المختار ولد داداه على رأس قائمة المناوئين له بل انه تمت إدانته في ذلك السياق غيابيا بالسجن المؤبد مع الاعمال الشاقة قبل أن يستفيد من العفو الشامل الذي أعلن عنه غداة انقلاب الثاني عشر من دجنبر 1984 .. و هكذا بقي الأستاذ المختار ولد داداه في منفاه بعيدا عن التجاذب السياسي إلى غاية ادلائه في عقد التسعينيات بتصريح علني ضد النظام القائم بعد اكتمال ما يعرف بالمسلسل الديمقراطي و قد جاء ذلك التصريح في ظروف غامضة فسرها البعض على أنها تعود إلى خلافات تكتيكية بين أطراف في المعارضة . .فبعث له النظام حينها برسالة قوية عبر رد صريح على تصريحه من طرف شخصية محترمة من رموز الدولة . ففهم الأستاذ المختار بن داداه و هو الرئيس السابق الحكيم مغزى تلك الصراحة و سكت عن الكلام المباح .. حاول الرئيس السابق معاوية ان يتعامل مع الرئيس السابق المختار ولد داداه باحترام ملحوظ رغم الضغوط و المزايادات التي مارستها دوائر في الموالاة …و في المعارضة و قد سعى الى تنقية الأجواء بواسطة دعمه لنص تشريعي لتسوية الوضعية القانونية للرؤساء السابقين استفاد منه الأستاذ الرئيس المختار بن داداه كما استفادت منه عائلته و قد سمعت و يكفي المرء كذبا ان يحدث بما سمع ان الرئيس معاوية لما قام بزيارة الرئيس المختار في مرضه الاخير بباريس أستاذن من ذويه البقاء معه بمفرده و همس في أذنه بكلمات لا يعرف مفادها سوى السميع العليم… ثم جاء بعد ذلك اللقاء الأجل المحتوم الذي تم بعده تشييع جثمان الرئيس الاستاذ المختار ولد داداه في مشهد وطني منقطع النظير تحت رئاسة الرئيس السابق معاوية و بمشاركة ملحوظة لرئيس لاحق سيكون بعد تداول الأيام بين الناس رئيسا سابقا لمورتانيا..و قد حاول الرئيس السابق معاوية ان يتصرف في مرحلة معينة بنفس السلوك المحترم مع سلفه الرئيس السابق محمد خونه ولد هيداله لكي ينسيه إهانة السجن التي تعرض لها بعد الإطاحة به..و من علامات ذلك . إضافة إلى استفادة الرئيس محمد خونة بوصفه رئيس سابق من القانون المذكور أعلاه.. اصطحابه معه في رحلة الحج حيث فوجيء أعضاء الوفد المرافق بالتقدير البروتوكولي الذي عامل به الرئيس معاوية الرئيس محمد خونة ولد هيداله حيث انه لما توقفت الطائرة في نيامي اصر على ان ينتظر مع نظيره النيجيري الذي جاءه مستقبلا حتي يقدم له الرئيس محمد خونه ولد هيداله .كما احاطه طيلة مقامهم في الحج بعناية خاصة لفتت انتباه المرافقين لهم .. بالطبع تمكنت دوائر في المعارضة بمساعدة مقربين من الرئيس السابق محمد خونة ولد هيدالة من نسف تلك المهادنة لما اقنعوا الرئيس محمد خونه ولد هيداله بأنه رجل المرحلة في سنة 2003 و كان من الطبيعي ان تؤدي عودة الرئيس السابق إلى المشهد في تلك الظروف المضطربه إلى الإفراط في معالجة أمنية تبين في ما بعد أن لها ما يبررها لمواجهة جهات أجنبية ضالعة في زعزعة امن مورتانيا و استقرارها…و لعل أكثر الرؤساء السابقين .اعني منهم الذين حكموا بالفعل… مهادنة و سلمية هو الرئيس السابق محمد المصطفى ولد محمد السالك لكنه لم ينجو من غضب الأنظمة التي حكمت بعده حيث انه تعرض للسجن ايام الرئيس محمد خونه على خلفية اتهامه بالضلوع في محاولة انقلابية و قد استفاد هو الآخر من قانون الرؤساء السابقين بعد أن هم في مرحلة معينة بالعودة إلى المشهد عبر ترشحه للانتخابات الرئاسية ..لقد مثل قانون الرؤساء السابقين نقلة نوعية في الرؤية الرسمية لمؤسسة الرئاسة حيث أنه حمل رسالة تفي بالقطيعة مع عقلية الأحكام الاستثنائية الموروثة من ثقافة الانقلابات العسكرية التي ترى في كل رئيس سابق رمزا لنظام بائد بدل أن يكون رمزا للدولة و لتاريخ شعبها . ان هذه الرسالة لا تعني اطلاقا حماية مؤيدة من مساءلة الرؤساء السابقين فالقانون في نهاية المطاف يبقى رغم مختلف التأويلات الزامي للجميع ..لكنها محاولة ضرورية لترسيخ مبدأ استمرارية الدولة في الذاكرة الوطنية وذلك لتطبيع الحياة السياسية سعيا إلى توطيد دولة القانون و المؤسسات و عليه اظن و أخشى و ارجو أظن إلى حد كتابة هذه الحروف أن الرئيس السابق معاوية ولد الطائع الذي يعود له الفضل في إنشاء تلك الرسالة عمل بمقتضاها كما عمل به الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله.. و لعل القاسم المشترك بينهما هو انهما غادرا الحكم رغم إرادتهما. أخشي أن يكون الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي ترك الحكم حسب الظاهر و عليكم بالظواهر بإرادته لم بفهم أو لا يريد أن يفهم مغزى تلك الرسالة و اهميتها بالنسبة لما هو اهم منا جميعا اي مستقبل وطننا ..فكان عليه وهو الذي ضايق الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال في أعقاب عودة الأخير الى المشهد السياسي ان يدرك بسهولة ان المشهد المورتاني لا يتحمل بموجب القانون سوي رئيس واحد و رؤساء سابقين….و لو انه استشارني لنصحته بالتماس حجج الدفاع عنه بخصوص ما يثار اعلاميا من اتهامات خطيرة عن طريق العدالة و القانون لا في البحث عن الأحزاب الاشتراكية و لا في الليبرالية…ارجو ان يوفق الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني الذي دشن حملته الانتخابية بخطاب يكرس بجلاء مبدأ استمرارية الدولة عبر الاعتراف الصريح بما قدمه أسلافه من الرؤساء السابقين للوطن في أن يكون عهده – و للعهد عنده معنى – بداية لعهد رؤساء سابقين ..يصلون إلى الحكم بواسطة صناديق الاقتراع ثم يتركونه طوعا بعد انتهاء المدة التي يقرها الدستور ..رغم انف المنافقين الذين يطالبونهم قسما و غناءا و رقصا بالبقاء في الحكم … و يكونون في أعين الجميع بمثابة الحكماء المتصالحين بحكم القانون مع شعبهم و الذين يحتاج البلد إلى تجربتهم في الحكم .. …اقولها ليس توددا له و إنما لمصلحة مورتانيا التي لا زالت تعاني من أزمة الرؤساء السابقين..رحم الله من مات من سلف الرؤساء السابقين و اطال اعمار الأحياء منهم و بارك في خلفهم …….عبد القادر ولد محمد وزير سابق