انتهى الجدل والنقاش الذي ثار طيلة الأشهر المنصرمة، وأصبح جميع أطياف المشهد السياسي أمام رؤية ومسار واضح ومحدد للمعالم، للانتخابات النيابية والبلدية القادمة، أي بمعنى آخر تحقق للجميع تحديد هدف وطني شامل، كلله التوافق السياسي، وهدف سياسي حزبي وهو التنافس في أجواء ديمقراطية وتحت سقف ضمانات مهمة، وبعون من الدولة.
لم يكن الوصول إلى هذا الاتفاق سهلا بل كان نتيجة بحث ونقاش وروح وطنية كللت التشاور بين وزارة الداخلية والأحزاب حول الانتخابات، ودون شك كانت بصمة رئيس الجمهورية واضحة في المتابعة الدقيقة لمختلف مراحل التفاوض والحوار حول الانتخابات، وفي حجم التطور الجديد والتحسينات المضافة إلى المشهد الانتخابي، وما ذلك إلا أن التهدئة السياسية وتغليب روح التشاور هو خيار ثابت ومرتكز دائم في سياسة فخامة رئيس الجمهورية.
ونتيجة حكمة بالغة ومرونة تفاوضية ورغبة في تحقيق التوافق طبعت وميزت وزير الداخلية واللامركزية معالى الوزير محمد أحمد ولد محمد الأمين الذي يؤكد في كل مرة قدرته على ترجمة الإرادة السياسية لفخامة رئيس الجمهورية، وكسب ثقة القوى السياسية الوطنية بمختلف مشاربها وتوجهاتها.
إن الانتخابات القادمة ذات أهمية كبيرة دون شك لأنها ستعيد تشكيل الطبقة المنتخبة في البلد، لأول مرة منذ انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمعنى آخر ستفزر الجيل الجديد من السياسيين فى الفترة المقبلة، لكن رئيس الجمهورية لم يرد أن يكون الأمر مجرد تداول بين أشخاص وأشخاص على نيل ثقة الجماهير وحصد الدعم الجماهيري فقط، بل أضاف إلى ذلك معطيات أخرى مهمة لتعزيز الديمقراطية وتحسين التجربة الانتخابية في بلادنا.
ودون شك فإن انتخاب 50% من أعضاء البرلمان عبر النسبية يمثل توسيعا جديدا لدائرة المشاركة وتمكينا للأحزاب السياسية من الحضور الفعال في المشهد البرلماني وكسرا لظاهرة الاحتكار أو السيطرة المطلقة لحزب أو اثنين على الغرفة التشريعية.
ينضاف إلى ذلك بعد آخر لا يقل أهمية وهو اللائحة الوطنية للشباب التي تكاد تكون سبقا سياسيا في المنطقة، وبالتقاسم بين الشباب والفتيات في هذه اللائحة، وبفرض مقاعد ثابتة لذوي الاحتياجات الخاصة ضمنها، فإن أكثر من قطاع مجتمعي يجد نفسه بالضرورة في دائرة التأثير ويحس أكثر من غيره بأنه معني بالانتخابات، وليس مجرد ناخب أو معبر للسياسيين.
ولا يمكن أن نغفل معطى آخر بالغ الأهمية وهو تمويل جزء من حملة الأحزاب السياسية تحملا لأعباء مالية مهمة، ومساهمة من الدولة في دعم كل القوى السياسية، وهي سابقة مهمة في تاريخ البلاد، تعزز التمويل البعدي الذي تحصل عليه الأحزاب السياسية مقابل مستويات تمثيلها في المجالس البلدية.
حقيق بنا إذا كسياسيين ومناصرين لرئيس الجمهورية وداعمين لمشروعه السياسي وخياراته الوطنية أن نؤكد تهنئة له بهذا النصر السياسي الذي انتصر به الجميع، وحقق أهداف الجميع وتم التوصل إلى نتائجه بهدوء دون ضجيج، ودون لغة متشنجة، ودون صدام سياسي.
بل كان حوارا وطنيا أعاد الشارد إلى سربه وقرب الآراء وجمع الكلمة، ووحد الهدف الوطني، وأفسح للتنافس الجاد ميدانا واسعا للسباق الانتخابي وسجال البرامج، فهنيئا للبلد والشعب والقوى السياسية.
مستشار رئيس الجمهورية أحمد سالم ولد فاضل