خلال اطلاعي على الأرشيف السنغالي بدكار، وخلال تصفحي لمرقونات المكتبة الوطنية في باريس، حيث يوجد في هذين الفضاءين وثائق ونصوص هامة عن بلادنا، تبين لي أنه بالإمكان تتبع مسار بعض الشخصيات الموريتانية من أمراء وغيرهم ممن اعتنت بهم هذه المجاميع الوثائقية واحتفظت لهم بنصوص نادرة أحيانا وبصور في بعض الأحيان. وقد فتحت ملفا لكل شخصية تواترت أخبارها واطرد ذكرها في الوثائق، من أجل جمع تلك الأخبار بعضها إلى بعض، وترتيب تلك الوثائق زمنيا، ومن ثم مقارنتها فيها بينها وصياغتها في قالب واحد.
وهذه مقالة من ثلاث مقالات سأحاول من خلالها أن أبني ترجمة غير تقليدية لأمير الترارزة أعمر سالم ولد محمد الحبيب، فهو من الشخصيات الموريتانية التي كثر ذكرها في الوثائق الفرنسية نهاية القرن التاسع عشر.
الرفع الطبي وتصالح الإخوة
أقدم وثيقة من الوثائق التي بين يدي يوجد فيها ذكر لأعمر سالم هي وثيقة رفع طبي ربما كانت الأولى من نوعها في التاريخ الموريتاني وتعود لسنة 1885 وأصلها موجود في ملفات الوثائق القومية السنغالية بدكار، ومن هناك صورتها، وهي في ملف به بعض مراسلات لويس بريير دو ليل (Louis Brière de l’Isle) مع إمارتي الترارزة والبراكنة، ودو ليل هذا كان الوالي الفرنسي بمدينة اندرْ من سنة 1876 إلى 1881. والرسالة بعث بها أمير الترارزة اعلي ولد محمد لحبيب إلى هذا الوالي الفرنسي، وهي بخط جدنا القاضي أبنو ولد سيدينا الديماني. وأبرز ما فيها أنها عبارة عن رفع طبي لأعمر سالم ولد محمد الحبيب أخي الأمير اعلي غير الشقيق إلى مدينة اندر السنغالية لتلقي العلاج من مرض أصابه لكن الوثيقة لا تتحدث عن طبيعة ذلك المرض. ونص الوثيقة هو: "إنه من أمير الترارزة اعلي بن محمد لحبيب إلى أمير اندر: موجبه إذا أتاك أعمر سالم فقم في دوائه بنفسك، حتى يبرأ بإذن الله إن شاء الله، فإني لا أكله إلا عليك والسلام. أبن بن سيدنَّ (ختم الأمير اعلي).
في فترة كتابة هذه الوثيقة أي 1885 لم يعد حيا من أبناء الأمير محمد الحبيب سوى ابنين اثنين هما: اعلي وهو الأمير يومئذ وأعمر سالم؛ حيث توفي السبعة الآخرون، وحيث تصالح اعلي وأخاه أعمر سالم بعد شقاق دام بين اعلي وأبناء فاطمة ومن بينهم أعمر سالم. فهذه الوثيقة إذن تؤرخ لتلك الفترة التي عرف فيها "صراع الإخوة" في إمارة الترارزة فترة هدوء، فحل الانسجام محل الشقاق، وترك التدافع مكانه للتواصل.
يوم أبدكوت وبداية إمارة أعمر سالم
أما الوثيقة الثانية فهي نصان: رسالة بالعربية بعثها أعمر سالم إلى الوالي الفرنسي باندر عندما هزم جيش ابن أخيه محمد فال بن سيدي عند أبدكوت، وقد حصلت الجرائد الفرنسية الصادرة في ذلك التاريخ على الرسالة وجعلت منها خبرا في أعمدتها. وقد صورت الأصل العربي للرسالة من الأرشيف السنغالي وهذا نص الرسالة:
تبليغ السلام من أعمر سالم إلى أمير اندر إنه يشير أنه هو ومحمد فال بن سيدي افتتنوا وغلبه أعمر سالم، ومات أحمد ولد الديد ومحمد محمود بن إبراهيم اخليل مع سبعة من أولاد أحمد بن دمان. واثني عشر من تغرجنت وغير وغير. وبقي بالطبل والعمامة. وأنه لا يقطع بيظان وراء البحر. والسلام.
ومن بين الجرائد التي اهتمت بهذه الوثيقة وترجمتها جريدة لوتان الفرنسية (Le Temps) الصادرة بتاريخ 28 ديسمبر 1886 التي أوردت الخبر التالي:
وقعت معركة أبدكوتْ في 26 نوفمبر 1886 بين طرفي الترارزة المتصارعين وقد وجه أعمر سالم أخو الأمير اعلي الرسالة التالية لوالي السنغال:
"من أعمر سالم إلى أمير اندر، سلام تام وبعد فإننا بخير وقد هزمت محمد فال بن سيدي وانتصرت عليه، وقد قتل أحمد ولد الديد ومحمد محمود مع سبعة من كبار أولاد أحمد بن دمان. وقتل اثنا عشر من تغرجنت وغيرهم كذلك. وقد أخذنا الطبل والسروال الأبيض وهما معنا. وأطلب منك أن تمنع البيضان من عبور النهر إلى بلادك".
وتعلق جريدة لوتان قائلة: "وبعد هذه المعركة نصب أعمر سالم نفسه أمير، أما خصمه محمد فال فمن المحتمل أنه التجأ إلى البراكنة أو إدوعيش ومن هنالك سينظم غارته لنهب قبائل الترارزة ولمنافسة غريمه المنتصر. هذا وقد شارك في هذه المعركة خمسون من الولوف إلى جانب أعمر سالم وقد جرحوا كلهم. وبسبب هذا الوضع غير الآمن في منطقة الترارزة فإن والي السنغال قرر في 6 ديسمبر (1886) تعليق التجارة النهرية من سينلوي إلى بحيرة دوي (إلى الغرب من قرية دگانه)، كما قرر أن يظل مرسى قرية دگانه وحده مفتوحا أمام تجارة العلك".
انتهى تعليق الجريدة، والواقع أن ما تشير إليه هذه الوثيقة في نصيها العربي والفرنسي هو يوم أبدكوت: وهو موضع بالزبارْ غرب ولاية الترارزة وقتل فيه من جانب محمد فال ولد سيدي أخواه أحمد ولد الديد الكبير (عم أحمد ولد الديد المشهور) وبابه ابنا سيدي بن محمد الحبيب وأحمد محمود بن سيدي أحمد بن عثمان بن إبراهيم اخليل. وجرح من جانب أعمر سالم: أعمر والمختار ابنا اعلي الكوري بن المختار بن امحمد بن اعلي الكوري. وممن قتل يوم أبْدكوتْ أحمد محمود ولد سيدي أحمد ولد إبراهيم اخليل وكان مع أولاد سيدي، وأمه محجوبة بنت سيدي أعلي بن أحمدو بن سيدي اعلي أمير البراكنة. وأهم ما في الوثيقة الفرنسية أنها تحدد لنا يوم أبدكوت باليوم والشهر. كما تفيد أن من بين جيش أعمر سالم مجموعة من الولوف وهو أمر منطقي ما دام أعمر سالم يتزعم الطائفة الساعية للأخذ بثأر الأمير اعلي بن محمد الحبيب المعروف أن أخواله ملوك شمامة من الولوف.
الإمارة والمصالح التجارية مع اندر
حرص أعمر سالم منذ سنته الثانية في الإمارة أن يتواصل مع تجار مدينة سينلوي السنغالية (اندر)، ويظهر ذلك من الوثيقة الثالثة التي مصدرها الأرشيف السنغالي بدكار وتاريخها 13 مارس 1888، وهي بالعربية ونصها: "لله الأمر من قبل ومن بعد. هذا وإنه من أمير اترارزه أعمر سالم بن محمد لحبيب إلى جماعة إمارشن عموما وخصوصا: مرتين ويليود دسماس وأهل كزبار وبزيا. سلام على من اتبع الهدى موجبه إعلامكم أنه على العهد وصافي الود. وأن تعلموا أنه غزا منه جيش إلى ابن عيده وأخذ كثيرا من الإبل غلطا لإيدوعلي زاعمين أنه لابن عيده. وأتونا إيدوعلي يريدون إبلهم ورددناها لهم لأنهم من أنفس الزوايا ولا يحملون السلاح ويعمرون الأرض بالقوافل ويتجرون لكم كل عام كما تعلمون. ونريد منكم أن تبذلوا جهودكم في رد ما دخل أرضكم من إبلهم، وأن تمكنوها من حملة الكتاب امحمد بن أعمر ووفد إيدوعلي الذين معه. والسلام. المختار بن لمزيدف.
هذه الوثيقة توضح جانبا من علاقة أمراء الترارزة بتجار مدينة سينلوي (اندر) وهي علاقة قديمة وتعكس أهمية هذه المدينة ودورها التجاري في الإمارة. ومن الطريف أن الوثيقة تسمي التجار السينلوزيين بكلمة "إمارشن" أي التجار بالفرنسية (Marchands)، وقد ذكر فيها أربعة تجار مشهورين وهم:
مارتين وهو: ريمون مارتين (Raymond Martin) تاجر فرنسي من أبرز التجار الفرنسيين بمدينة اندر. كان عضو المجلس العام بها (Conseil Général). وله علاقة وثيقة بلويس ديسمي المذكور في الوثيقة. وهذا المجلس العام قد تم إنشاؤه للمرة الثانية سنة 1879 وينتخب أعضاؤه (أنشئ لأول مرة سنة 1840)، وقد أنشئ من أجل تقليص الصلاحيات المفرطة لحاكم مستعمرة اندر وخلق نوع من التوازن بين الإدارة والمنتخبين المحليين.
يليود ديسمي = لعله لويس ديسمي (Louis Descemet) رئيس المجلس العام باندر وكان صديقا حميما لألبير تيسير (Albert Teisseire) الرجل النافذ في اندر والذي أسقط الحاكم بريير دو ليل المذكور فوق سنة 1881، وقد ظل رئيس المجلس حتى سنة 1894.
أما اهل گزبار فالمقصود أسرة گزبار ديفيس عمدة بلدية اندر (سينلوي) السنغالية من 1875 إلى 1880، ولعل المقصود ابنه جوستين ديفيس الذي انتخب عمدة لهذه المدينة مرارا. كان گزبار ديفيس من كبار التجار الفرنسيين بمدينة اندر وقد ورث مهنة التجارة عن أبيه "برونو ديفيس" تاجر النبيذ بمدينة بوردو بجنوب فرنسا. هاجر برونو إلى السنغال وتزوج بإحدى نساء الفلان باندر وتسمى "أرضو كا" التي أصبحت بعد الزواج "سيلفي أرضو كا"، وهي من جميلات اندر وأصولها من قرية دگانا. وقد امتعضت أسرة ديفيس في بوردو من هذا الزواج الخارج عن تقاليد العائلة، فأعلنوا مقاطعة ابنهم وتبرؤوا منه لأنه تزوج من زنجية إفريقية وهو أمر لم تكن لتسمح به تقاليد الأرستقراطيات التجارية الفرنسية في بوردو. نشأت ذرية برونو في اندر وكان أسنهم گزبار الذي كان خلاسيا، وتزوج عدة زيجات كان آخرها من إفريقية فنشأ الجيل الثالث من أسرة ديفيس خلاسيا بامتياز. وكانت أسرة گزبار ديفيس من أشهر الأسر المعروفة في القرن التاسع عشر بعبارة "أولاد اندر"، وهي عبارة كان الموريتانيون يطلقونها على التجار الخلاسيين الذي يشترون العلك ويطلقونها على الوسطاء التجاريين وعلى أسر المترجمين مثل أسرة أهل أبنو المقداد التي كانت من أشهر وأبرز أسر "أولاد اندر" شأنها في ذلك شأن أسرة گزبار. أصبح گزبار من أثرياء مدينة اندر، وأنشأ شركة لشراء الفول السوداني والعلك، ثم كان مدير بنك السنغال قبل أن ينتخب عمدة بلدية اندر من 1876 إلى 1880. توفي عام 1901. وقد ذكر الهادي ولد محمدي العلوي رحمه الله گزبار هذا في منظومته الشهيرة التي أوردها صاحب الوسيط:
بعد اشترائه لكل عير ۞ عدَلَ للخلود في السعير
بعد اشتراء كندر الأغلال ۞ أصبح في القيود والأغلال
ولم تُفِدْ فيما إليه صارا ۞ يا ويحه مكائد النصارى
حل به يا ويحَهُ الوبارُ ۞ ويقتفي سبيلًهُ گزبار
أما بزيا: قد يكون جان بزيا Jean Béziat)) وهو من أكبر تجار اندر وعضو المجلس العام بها، أو ابنه ألكسيس بزيا التاجر ومدير بنك بنفس المدينة.
هذه الوثيقة إذن تندرج في علاقة إمارة الترارزة بمدينة اندر وخصوصا في المجال التجاري وهي علاقة بحاجة إلى بحث وتنقيب لما لها من تأثير بليغ على بعض تطورات الإمارة الهامة.
مدينة اندر والتحول لصالح أحمد سالم ولد اعلي:
مع سنة 1889 بدأت علاقة أعمر سالم مع مدينة اندر تعرف انحدارا لصالح ابن أخيه وحليفه السابق أحمد سالم ولد اعلي، الذي ما لبث أن أبدى طموحه في الإمارة ثلاثة أعوام بعد غدرة أبيه اعلي. ويبدو أن الإدارة الفرنسية وكذلك التجار في مدينة اندر وعلى طول ضفة نهر السنغال تميل إلى جانب أحمد سالم. لذلك نجد الوثائق منذ هذه السنة تتحدث عن هذا التحول في العلاقة بين أعمر سالم وبين اندر. تأتي الوثيقة الرابعة التي يعود تاريخها لشهر فبراير 1889، في هذا السياق، ونصها: "هذا وإنه من أمير اترارزة أعمر سالم بن محمد لحبيب إلى جماعة أولاد اندر وأهل لگصيبه عموما وخصوصا ببكر بن والي ومحمد الأحمر ومحمد انجاي وأحمد فال بن بكلين وسيدي بن مانبي وموسى سي بالسلام التام الطيب العام موجبه أنه يريد منكم معونة فيما ينوبه من مهموم الشر والوفود الذين عنده. والذي حمله على أن يريد عندكم المعونة قربكم عنده. والدليل على ذلك لما أرادوا منه أولاد اندر المتوطنين دگانه أن يَجُرَّ لهم علك الزوايا وحسان الذين من أهل أرضه وعليهم حكمه أبى لهم عن ذلك. فإن فعلتم فذلك الذي يظن ويرجي وإلا فالحمد لله الذي جعلها أتت من عندكم ولا أتت من عنده. والسلام المختار بن لمزيدف".
والواضح من الوثيقة أن الأعيان المذكورين كانوا من أعيان مدينة اندر وقرية لگصيبة وهي مرسى على ضفة نهر السينغال اليمنى قرب دگانة وتعرف أيضا باسم ديَّه. وواضح أن هؤلاء الأعيان ليسوا منسجمين تماما مع أمير الترارزة بدليل أنه يذكرهم بما قام به من خدمة لصالحهم، وحرصه على أن يكون بيع العلك موجها لهؤلاء لا لغيرهم، إلا أن نهاية الرسالة توحي بأن الأمير أعمر سالم غير واثق من نوايا هؤلاء التجار اتجاهه وبالتالي قد لا يحصل منهم على الإعانات المادية التي طلبها منهم لتمويل حملاته العسكرية، لأنهم ربما كانوا قد حسموا أمرهم وصاروا يدا مع معارضه وابن أخيه أحمد سالم الذي سيعلو شأنه معارضا منذ 1889 حتى يقضي على أعمر سالم ويتولى إمارة الترارزة. ومن المؤكد أن حزب اندر (الإدارة والتجار) ساهم بشكل فاعل في هذا التنافس ووقف إلى جانب أحمد سالم طيلة العشرية الأخيرة من القرن التاسع عشر.
ومن بين أعيان الولوف الوارد ذكرهم هنا ببكر بن والي (Backre Wali) الذي كان عضوا في المجلس العام باندر، وقد تم تعيينه سنة 1879 من طرف نائب مدينة اندر الشهير في البرلمان الفرنسي غاسكوني (Gasconi)، وهو أول سنغالي يعين في المجلس العام لمدينة اندر حيث كان أعضاؤه الستة عشر فرنسيين بالأصل وسنغاليين بالولادة. وكثيرا ما عاش هذا المجلس صراعا بين التجار ذوي الأصول من مدينة بوردو وغرمائهم من مدينة مرسيليا.
وبعد شهر من الوثيقة السابقة التي تظهر عدم انسجام الأمير أعمر سالم مع أعيان اندر ولگصيبة من الولوف فإننا سنجد في الوثيقة الخامسة أن هذه العلاقة بدأت تتغير بين الأمير وبين الوالي الفرنسي في اندر، وأن أفق علاقته باندر بدأ يعرف معطيات جديدة. تاريخ الوثيقة الخامسة هو: 18 مارس 1889 ونصها: "هذا وإنه من أمير الترارزة أعمر سالم بن محمد لحبيب إلى شيخ اندر سلام تام على من اتبع الهدى. موجبه إعلامك أنك ذاك الذي أرسلت به له أنه غير لائق عندك مغرور فيه، فاعلم أنه لا يفعل إلا ما تحب وترضى ما دام حيا فإن فعل شيئا غير صواب عندك فاعلم أنه مغرور فيه وجاهل ما عندك، فكل ما فعل غير صواب فنبه عليه يرجع عنه، مع أنه لا يقصد أمرا يعلم أنك لا تحبه لأنه راض عنك ولا يخالفك في أمر ما دام راض عنك، وإن أردت مصداق ذلك فجربه تجده على ذلك والسلام. المختار بن لمزيدف."
يصرح الأمير أعمر سالم في الوثيقة أن الوالي الفرنسي بمدنية اندر وجه له خطابا غير لائق، دون توضيح لمضامين ذلك الخطاب، ولماذا هو غير لائق. لكن الأمير ما زال حريصا على تحسين علاقته بالإدارة الفرنسية باندر، وقد عرض على الوالي فتح مجال التعاون معه. والوالي الفرنسي الذي كان على رأس عمله في اندر تلك السنة هو: ليون أميل كليمان توماس (Léon Émile Clément-Thomas).
ويبدو أن أعمر سالم لم يكتف بهذه الرسالة بل قرر في نهاية نفس السنة التوجه بنفسه إلى مدينة اندر، وأن كليمان توماس قد ذهب وحل محله وال فرنسي آخر هو: هنري فيليكس دو لاموت (Henri-Félix de Lamothe). أوردت جريدة لا برس (La Presse) في عددها الصادر بتاريخ 29 ديسمبر 1890 الخبر التالي:
"أعمر سالم في سينلوي
من جهة أخرى فقد علمنا أن أعمر سالم امير الترارزة جاء لسينلوي وزار الوالى. وقد تزامن دخوله للمدينة مع إطلاق سبع طلقات نارية ترحيبا به وقد استقبل في مقر البلدية من طرف الوالى ورئيس المستعمرة ومجموعة من الرماة في الزي الرسمي احتفاء به.
وفي هذه الأثناء استمر اللقاء قرابة ساعتين ظل مائتا زنجي وخمسون بيظانيا يضربون الطبل أمام مقر الحكومة."
يتضح من هذا الخبر أن الإدارة ممثلة في الوالي الفرنسي الجديد وعمدة المدينة وغيرهم كانوا في استقبال الأمير، وأن الحفاوة طغت على هذه الزيارة، مما يدل على أن الوالي الجديد دو لاموت لم يأخذ مسافة من أعمر سالم كما سيتضح في الوثائق اللاحقة.
استعرضنا حتى الآن بعض الوثائق المتعلقة بالأمير أعمر سالم ولد محمد الحبيب وحضوره في وثائق الأرشيف السنغالي وفي مرقونات المكتبة القومية الفرنسية. وتتبعنا من خلالها مسار العلاقة بين أعمر سالم وبين مدينة اندر حيث الإدارة الفرنسية والتجار والأعيان الذي كانوا بحكم مصالحهم مع إمارة الترارزة يشكلون عنصرا هاما في تاريخ الإمارة، ومن التحالفات التي تتشكل وتؤثر في مسار الإمارة وتطوراتها الأساسية. وهذا المقال من ثلاث مقالات وفي المقال اللاحق سأتابع مع وثائق أخرى متتبعا تسلسلها الزمني، ومستنطقا دلالاتها.
سيدي أحمد ولد الأمير باحث موريتاني مقيم في قطر