تحدث كثيرون عن كياسة الرئيس فأكثروا الحديث حتي ذهبت قراءات البعض بعيدا عن مسار الصواب وأطلقوا مصطلحات كالنائم والضعيف والخائف والهائم كتفسير لتلك الكياسة وذاك التواضع !
لا ألومهم كثيرا فقد غابت الكياسة والتواضع والأخلاق عن منظومتنا السياسية منذ أمد بعيد وحل محلها التكبر والتحامل والنفاق
إن الله سبحانه وتعالى جعل للسعادة والشقاوة عنوانًا يعرفان به فالسعيد الطيب لا يليق به إلا طيب ولا يأتي إلا طيبًا ولا يصدر منه إلا طيبًا ولا يلابس إلا طيبًا والشقي الخبيث لا يليق به إلا الخبيث ولا يأتي إلا خبيثًا ولا يصدر منه إلا الخبيث فالخبيث يتفجر من قلبه الخبث على لسانه وجوارحه، والطيب يتفجر من قلبه الطيب على لسانه وجوارحه
وممَّا قيل إذا كان الخليلُ كريمَ الأخلاق حَسَن السِّيرة طاهر السَّريرة فبه في محاسن الشِّيم يُقْتَدَى وبنجم رُشْدِه في طُرُق المكارم يُهْتَدَى وإذا كان سيِّئ الأعمال خَبِيث الأقوال كان المعتبط به كذلك
النفس الشهوانية قوية جدا متى لم يقهرها الإنسان ويهذبها ملكته فاستولت عليه فإذا تمكنت هذه النفس من الإنسان وملكته وانقاد لها كان بالبهائم أشبه منه بالناس
قد لا يفقه الكثير من السياسيين المعاصرين ومنهم القادة، دور الأخلاق في بناء مجتمع متقدم، وبعضهم ربما لا يؤمن بهذا الهدف، أو لا يرى تأثيرا جديّا له في بناء دولة مزدهرة ومجتمع رصين، لسبب بسيط أنه غير قادر على أن يكون نموذجا أخلاقيا لمن يقودهم، وهنا تظهر العلّة بشكل مباشر، فنعرف أن أي سياسي يهمل الأخلاق في أداءه، لا يمكن أن يبني مجتمعا قويا متقدماً.
في هذا الإطار لنا في شخصية النبي (ص) نموذجا قياديا عظيما، زرع حزمة من المُثل والأخلاقيات في مجتمع جاهل كانت تعوزه الكثير من مقومات التقدم، لكن القائد الأخلاقي المؤمن بدور الأخلاق وقدرتها على تغيير الناس إلى الأحسن، تمكن من تطوير الرؤية الذاتية والجمعية للمجتمع الذي كان يغوص في الظلام، ويفتك به الجهل والفتن والتعصب، وجعل منه أمة عظيمة في دولة عظمى.
لذلك فهذه الأخلاق والقيم الجديدة التي جاء بها القائد والنموذج محمد ولد الشيخ الغزواني ستجعل من تلك العقول المقفلة والنفوس المتعصبة نموذجا آخر يضجّ بالتنوير وستنبت دولة تضاهى الدول العظمى
كل هذا سيحدث بسبب السياسة الأخلاقية الجديدة التي ينتهج فخامة رئيس الاخلاق ، فالأخلاق وحدها قادرة على سحب الناس الغاطسين في الجهل والظلام، إلى ساحة النور الأخلاقي المشعّ، وهي وحدها القادرة على هزيمة قانون الغاب، ويبقي استثمار القوة في محلّه الصحيح ضروري جدا مما يعني أن القائد السياسي لا ينحصر دوره في إدارة السلطة وحدها، بل يجب أن يصبح نموذجا أخلاقيا لأمته كي يحدث فيها التغيير المطلوب
انما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
الأستاذ : الدان الصديق