زادت الهجرة من الريف النمو الديمغرافي للعاصمة نواكشوط حيث أصبح سكان العاصمة يناهز المليون حسب إحصاء 2013 والذي قام به المكتب الوطني للإحصاء و أظهر أن العدد الإجمالي لسكان موريتانيا 3.537.368.. يسكن منها في نواكشوط 958.399 نسمة ،وأكبر عدد من هذه النسبة تسكن في مقاطعة عرفات التي تأتي في المرتبة الأولى من حيث الكثافة السكانية ويبلغ عدد سكانها 175.969 نسمة، تليها من حيث الكثافة السكانية مقاطعة دار النعيم 144.043 نسمة ، ثم توجونين 144.041 نسمة ثم الميناء 132.674 نسمة ويلي ذلك مقاطعة الرياض 117.030 نسمة .
وتنتشر بين سكان هذه المقاطعات المتفاوتة في الكثافة مشاهد من الفقر المدقع يشكل شبحا مخيفا دفع البعض إلى كسب قوته من جمع فضلات القمامة وهو مشهد يتكرر يوميا ،حيث نشاهد شيوخا وعجائز وأطفالا يبحثون بين أكوام القمامات المتجمعة في ساحات والشوارع تفرغ زينه يتدافعون مع قطعان الأغنام والحيوانات السائبة .
والبعض لجأ إلى السؤال في الشوارع والمنازل وعلى أبواب المستشفيات والمصحات تارة بحجة المرض والعجز عن شراء الوصفات الطبية وتارة بحجة العجز عن تأمين القوت لأطفال وأسر ضعيفة .
هذه المشاهد وغيرها من مناظر البؤس والحرمان التي لا تخطئها العين في أي ركن من العاصمة خاصة في مناطق الأثرياء وفاعلي الخير ولدت من رحمها الظروف القاسية التي يعيشها غالب السكان فحرم الأطفال من دخول حجرات الدرس للتعلم وحتى من التهجد على شيوخ الكتاتيب ، وفرضت قساوة الحياة على الأسر توجيه أطفالهم إلى العمل رغم صغر سنهم يقودون عربات تجرها الحمير لحمل المتاع بين المحلات و بيع الماء بين الأحياء ونقل الأوساخ ، ففتح الأطفال عيونهم على الحرمان والكد ،وسواد الحياة وبؤسها فخيم شبح الموت من مياه البرك الراكدة والأوبئة في ظل غياب العناية الصحية
وليس غريبا تحت وطأة هذا الواقع -على صبي فتح عينيه على مشاهد قاسية لا أمل في مستقبل له معها أن ينجر مع أول تيار يوهمه -ولو في الخيال- بالحصول على حياة أفضل تختلف عن ما يعيشه ، وغالبا ما يكون على أيدي – منظمات تتدثر بدثار الإنسانية لحماية وإصلاح الأطفال و المشردين - فتبدأ رحيمة منزعجة من واقع الطفل وما يعيشه من مرارة ،وشيئا فشيا تجذبه إلى هاوية العلمانية و الكفر بالمعتقدات والنظم الاجتماعية ، وتنزل به إلى متاهات تقوده في النهاية إما إلى التطرف الفكري أو الانحراف إلى تدخين المخدرات وشرب الكحول والسرقة واغتراف الجرائم.
...
الوضعية المخيفة التي تعيشها الطبقة الكادحة في البلد من تدن للأجور وانتشار في البطالة خلقت نوعا من الاضطراب والارتباك لدى هذه الطبقة،خاصة في ظل وجود حالات مناقضة لحالة هذه الطبقة حيث تظهر طبقة تعيش في ثراء فاحش إلى درجة التخمة.
هذا بالاضافة إلى موقف النظام من هذا التمايز الطبقي الذي يصب في صف الطبقة الثرية بتوجيه جميع المصادر الاقتصادية إليهم ليتمكنوا من طحن الفقير، باستغلاله وامتصاص دمه .