أثار تَوقيفي الأخير فضولَ كثير من النَّاس, وحطَّت أسئلة ٌ كثيرة رَحلَها عندي تَروم معرفةَ ما جَرى, فأقول وبالله التوفيق:
1. اعتُقلت بعد منتصف النهار بدقائق يوم الأربعاء الماضي من قِبل إدارة أمن الدولة وفتَّشوا المنزلَ كلَّه, وأخذوا الهاتف والحاسوبَ وبعض الوثائق, وأفرِج عنِّي بعد منتصف الليل بقليل, وعدت ظهرَ الخميس إلى إدارة الأمن لاستلام المحجوزات فاستلمتها ووقَّعت على ذلك, وكانت معاملتُهم لي مقبولة, ولو سَلِم مشهد الاعتقال من الجنود المسلَّحين المقنَّعين في تشكيل عسكري أمام البيت وفي مداخل طرُقه لما أثار الأمر ما أثاره من مخاوف الأهل والجيران والأحبَّة.
2. بدأ استِجوابي بعد صلاة المغرب مباشرة , وتواصل لأكثر من ساعتَين, وسئلت عدَّة أسئلة عن خطابي الدَّعوي ونشاطي في المساجد ورحلاتي في الدعوة وغير ذلك , فبيَّنت منهجي وبرامجي في كلِّ ذلك, وأنَّه ظاهر غير خَفي, ومُعلَن دون إسرار, وأنَّ وسيلتي لذلك ما في وُسعي من حكمة وبصيرة, وأساسُه المطالبة بتحكيم الشَّريعة في هذا المجتمع المسلم بعيدا عن أيِّ عنف, بلهَ حمل السلاح.
كما بيَّنت أنَّ لي أنشطةً تشارُكية مع كثير من العلماء والدعاة والمنظَّمات الإنسانية في ترسيخ ثقافة نبذ الاعتداء وحلِّ النزاعات سِلما, وتوفير حقوق السُّجناء وبيان أحكام المستأمَنين, واستَغربتُ أن أعتقل بعد أيَّام من مشاركتي مع علماء ودكاترة من دولٍ مختلفة في أحد المؤتمرات المرسِّخة لذلك.
وسئلتُ عن موقفي من أحداث السِّجن فذكرتُ أنَّه لا داعِيَ لسؤال مثلي عنها, وأنَّ موقفي الشرعي منها هو الرَّفض, وهو موقف كلِّ داعٍ يَرجو أن تبقى ساحةُ دعوتِه آمنة, وأنَّ من المعلوم أنَّ تغييرَ المنكر إذا أدَّى إلى منكرٍ أكبرَ منه فهو منكرٌ محرَّم, فكيف بما فيه إزهاقٌ للأرواح ومفاسده لا تُحصى ..!؟
ثمَّ وقَّعت على محضر الاستجواب.
3. عند منتصف الليل وبعدَ خروجي من غرفة التَّحقيق بساعَتَين استدعاني ضابط المداومة, وذكر لي أنَّ سببَ اعتقالي هو تكرُّر ذكرِ اسمي على ألسنة بعض المعتَقلين, وأنَّهم بعد أن استجوبوني سيُطلقون سبيلي, وطلب منِّي العودة في اليوم الموالي لأخذ محجوزاتي.
4. هذا مجملُ ما حصل, وأرجو ألَّا يتكرَّر أو تَتكرَّر أسبابُه, كما أرجو ألَّا يكونَ ممَّا تُلهي به السُّلطات النَّاس وتُغطِّي به فشَلها في كثير من النَّواحي..( والله يَعلَم المُفسِدَ مِن المُصلِح..)
والله الموفق.