منذ أيام قليلة كنت أخذت على نفسي عهدا بهجرة العالم الافتراضي ريثما أنتهي من معمعة الامتحان .. غير أن قواتنا الباسلة ممثلة في الحرس الوطني أبت على إلا أن أخلف الوعد ، وانقضه ، لأبرق لها تحية إجلال على إنجازها العظيم التي كللت به عملها البارحة ، وذلك بامساكهم بي أثناء خروجي من المنزل لوداع بعض الزملاء .. حيث وجدت نفسي وبصورة مفاجئة اصطدم بسيارة الحرس التي ترجل منها مسن من الحرس شاب رأسه وترهل جسمه ، وبرفته عناصر قاموا بتفتيشي وعندما لم يحصلوا على محذور يدينني ، أمروني باعتلاء المركبة .. وبدأت معهم رحلة لا تخلوا من الإثارة ، حيث وجدت نفسي في نهاية الرحلة في غرفة الحجز بمفوضية عرفات رقم 3 ، بين وجوه غريبة على تماما .
وبالطبع كانت رحلة لا تخلو من بعض المخاطر بفعل حماقة ارتكبها أبطالنا البواسل ، حين حملوا السيارة ضعف طاقتها الإستعابية وأخذوا يطاردون بها بعض المارة غير آبهين بأرواح من بدال السيارة .. ولا عجب .؟!.. فمن هانت عليه نفسه ، فأنفاس الآخرين عليه أهون .
و مما لفت انتباهي هو نشوة أفراد الحرس بفعلتهم ، فقد كانت أوداجهم تنتفخ من شعورهم بعظمة الانجاز .. فأصبح لسان حال شركائي في المحنة كما يقول الشاعر :
"أسد على وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر"
أما أنا فأقول للبواسل شكرا لكم على عظيم الإنجاز ، وإن كنتم تريدون الحفاظ على الأمن والاستقرار ، كان الأولى بكم أن تنفذوا مثل هكذا أعمال بطولية في أوقات الليل المتأخر ، حين يبدأ اللصوص وشذاذ الآفاق يقتحمون على الناس بيوتهم ليرعبوهم ويسلبوا ممتلكاتهم .. في وقت تكون فيه الدوريات قد دخل أفرادها في جحورهم واستسلموا لنوم عميق .. إما خوفا أو تقاعسا عن تنفي الواجب .. فإن كان السبب الأول هو الدافع فتلك مصيبة .. وإن كان الثاني فالمصيبة أعظم .. والتعذروني على عدم المبيت لأنني كنت مكرها بفعل الامتحانات .. أو لعلي أخترت أن أعمل بالمثل القائل :" رحم الله من زار وطار".
عاشت قوات أمننا .. وتحية إجلال لأفرادها البواسل .