اعتقد الكثير أن سبب الهروب المتكرر لعشرات المساجين الذي شهدته السجون الموريتانية خاصة في فترة النظام الحالي يعود إلى هشاشة البناء وعدم ملائمتها للمواصفات التي تمنع السجناء من الهروب من بناء قوي وهندسة معقدة لا يمكن اختراقها ،وترميم سجن العاصمة .. وعدم وجود قوة أمنية خاصة مدربة على حراسة السجون .
لكن هذا الاعتقاد كان قبل أن تشرف السلطات على تشييد السجن الكبير بدار النعيم الذي أكد المهندسون المشرفون علي بنائه أن تصميمه وضع على معيار عصري غير قابل للاختراق ، ولا يمكن الهروب مهما استخدم لذلك ،والسبيل الوحيد للخروج منه هو الباب الرئيسي... فكيف استطاع السجناء الهروب منه ..!؟
كان الهروب الأخير الذي استطاع بفضله عشرات من عتاة اللصوص والمجرمين الفرار من السجن الكبير بدار النعيم ،ما تزال السلطات الأمنية عاجزة عن ضبطهم مثار شك واستغراب لدى الكثير من المتتبعين للموضع .. حيث أن هروب هؤلاء المساجين تم بطريقة توحي بغياب القوي الأمنية التي ترابط عند باب السجن ومن حوله وداخله والتي كثيرا ما شدت بوجودها من خلال الحواجز التي تنشر في مدخل الباب الرئيسي للسجن انتباه الزوار وتبث الخوف في صدورهم .. بل يعتقد جل العامية الذين زاروا السجن وشاهدو صورته المرعبة بسواره الطويل المنيع ، وفرق الحرس في مناكبه وعلى أبراجه أن حادثة الهروب تم التمهيد لها بالتعاون مع القوى الأمنية القائمة على حراسة السجن .. فكل المعلومات المتوفرة عن الحادثة والتي تقول بوجود حرسي واحد على الباب الرئيسي سقط في موجة تدفق السجناء الذين أفسحوا الطريق للهروب .. هي معلومات تثير الكثير من الشكوك وتعضد مقولة تواطؤ الحرس م..خاصة أن المعلومات لم تحمل محاولة الحرس صد ا تدفق لمجرمين حتى يقود ذلك إلى تشابكت بين الطرفين ، كل ما كان حسب المعلومات التي وردت بعد حادثة الهروب أن مجموعة من السجناء لاذت بالفرار بعد تعرض الحرسي الذي كان عند الباب للإعتداء .. فهل هذا يكفي .. وهل هو مبرر مقبول ..؟!
الحرس مثل جميع الأجهزة الأمنية المصابة بالإحباط مما جعلها تتكاسل في تأدية مهامها .. بل تخونها إذا اقتضت الضرورة مقابل دخل مادي سيفر لها ما تحتاجه في حياتها .. من تكاليف مصاريف مرضاها ، وتعليم أبنائها وسكنها .. ولقمة العيش التي تشهد تركبتها غلاء غير عادي ..كيف لحرسي أن يجمع بين التفكر في الحصول على المصروف اليومي لأسرته .. والتفكير في تأدية واجب مهنة لا يوفرله راتبها مصروف النقل بين مقر اعمله ومنزله .. في الوقت الذي هو مطالب بالكثير من الالتزامات..؟