..لا اتفق في رأي مع الكثير من اللذين فقدوا الأمل من إصلاح الصحافة..والمتشائمين من نوايا اللجنة التي ستسير صندوق دعم الصحافة للسنة الجارية ٢٠٢٣..بل اجزم على ان السلطة العليا للسمعيات البصرية بقيادة رئيسها الحالي الدكتور الحسين ولد امد قد قطعت شوطا كبيرا في طريق الإصلاح..خاصة في ما يتعلق بتوزيع صندوق الدعم الموجه للصحافة،وتعزيز مهنيتها.
من يتذكر وضعية توزيع الصندوق قبل ان يكون ولد امدو على راس السلطة..سيجد انه كان يعاني من فوضوية كبيرة..بحيث ان الحصول على الاستفادة منه مربوط بالعلاقات الفوقية والزبونية..وعشرات المواقع الوهمية التي كان أصحابها يحصلون من الصندوق على مبالغ مالية كبيرة..في الوقت الذي يحرم أصحاب مواقع ميدانية معروفة بين القراء والمتابعين للإعلام من الاستفادة منه.
ومن يتذكر وضعية الصحفي قبل الرئيس الحالي ،وماكان يعانيه من عدم التكوين،والخبرة ،والممارسة...والوجهة التي كانت تصرف فيها موارد التكوين ..سيكتشف فارقا كبيرا بين واقع الصندوق..والصحفي بين الأمس واليوم..
إن وجود الدكتور الحسين ولد امد غير الكثير من وضعية المعاناة التي كانت تعيشها الصحافة خاصة المستقلة منها..فقد أدرك في الوهلة الأولى من قدومه الغبن المستشري في الصندوق..بسبب استغلال البعض لوجوده في لجنة التوزيع..وقلص من ذلك النهب الذي كان وراء غمط حقوق الكثير من الذين ليس لديهم ضغط ولانفوذ..ووضع ضوابط للاستفادة ونظاما اعتمد فيه على مسح للمؤسسات الموجودة،ومتابعة عمل كل واحدة منها على حدة..ونتائج هذا المسح، وهذه الضوابط التي منها تخزين وتسجيل المؤسسات لدى الوزارة الوصية،وعدم الاعتماد على أذون الإعلان من قبل وكالة الجمهورية وحدها. بالإضافة الى إجراءات اخرى ساهم التحقيق فيها الى التقليص من المؤسسات التي تتقدم للاستفادة،لعدم سلامتها..مثل السجل التجاري، والرقم الضريبي الذي كشفت اللجان الماضية تزوير الكثير منهم..ومع ذلك اصحابها يستفيدون من مخصصات الصندوق.
فلولا جدية رئيس السلطة،واهتمامه المنصب نحو اصلاح الصحافة وغربلة المؤسسات لتنقية من لديه الحق في الإستفادة من غيره..لظل الحال على ما كان عليه من فساد وغمط في الحقوق..
ولدينا يقين من ان يتواصل الإصلاح سيتواصل مع وجود الدكتور ولد امد على رأس السلطة العليا للسمعيات البصرية"هابا"..لكن لا ننسي ان الإصلاح يحتاج الى تنظيف الجسم الديدان المعششة فيه..والتي تعتمد في حركتها على قنواة من أعلى هم في الدولة.. ويحتاج القضاء عليها قطع صلتها بتلك القنواة وتجفيف المنابع التي تتغذي منها..وهذا يطلب جهدا ووقتا ليس بالقليل.
................
من جانب آخر انا مع الرأي الذي ينتقد ..ويرى ان دمج القنواة الخاصة التي تتبع لمستثمرين للاستفادة من صندوق الدعم المخصص للصحافة المستقلة ليس واردا..بل اعتبره ظلما للمؤسسات المستقلة الأكترونية والورقية التي تعتمد في عملها على جهود ذاتية تحتاج الى الدعم من الدولة ..ذلك لأن القنواة تعتمد على رجال اعمال مستثمرين لديهم من القدرة المادية ما يمكنهم من تسيير قنواتهم،خاصة ان بعض هذه القنواة يروج لمؤسسات اصحابها..وإشراك هذه المؤسسات في مخصصات لدعم الصحافة المستلقة فيه اجحاف وظلم للاخيرة..لكن من المسؤول عن هذا الإجراء ..ليس رئيس السلطة العليا للسمعيات البصرية الحسين ولد امد..طبعا..؟!
لكن على السلطة العليا المتمثلة في رئيس الجمهورية ان تدرك ان إجراء دمج القنواة التي تتبع لمستثمرين كبار من رجال الاعمال في الاستفادة من مخصصات موجهة لدعم مؤسسات مستقلة تعتمد على ذاتها ..ليس عادلا..وأنه ظلم يجيب ان تتدخل لمعالجته...خاصة ان بعض هذه القنواة التي تستحوذ على نسبة كبيرة من مخصصات دعم الصحافة المستقلة الضعيفة مجرد هياكل لا وجود لها في الواقع..ويجب ان يشطب عليها..مهما كانت قوة النفوذ الذي ورائها..
محمد أحمدحبيب الله
المدير الناشر لمؤسسة الحوادث الإعلامية المستقلة