شهدت الصحراء -موريتانيا اليوم- الكثير من القصور انتشرمنها الإسلام، والعلوم الدينية، وتجاوز دعاة الدين منها لتجديد مسالك العقيدة التي كان عليها مرشد البرية ونبيها محمد صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية،والمشرق،وكذلك المغرب الكبير،وبلاد السودان.
وإذا كان المؤرخون ،والمهتمين بتاريخ الصحراء،قد ذكروا بعض هذه القصور التي كانت مصدر اشعاع ديني وحضري في الصحراء،مثل قصر تشيت،ووولاته،وشنقيط..وغيرهم من القصور التي أصبحت تعرف بالمدن التاريخية القديمة..فقد ظلم هؤلاء المؤرخون والمهتمين،بإهمالهم قصورا لا تقل عن هذه القصور اهمية ..سواء كان ذلك من جانب القدم ..أو الدور الذي لعبوه في مجال الإشعاع العلمي،ونشر الدين الاسلامي.و ظلت مآذن مساجدها قائمة،تعانق السماء تنادي عاليا بشهادة أن لا إله الله،وان محمدا رسول الله،وتحافظ على محاضرها العلمية حتى اليوم.
ومن ضمن هذه القصور التي أهملها المؤرخون قصر "تيكماطين" الذي تم إنشاءه بالتزامن مع بناء مراكش عاصمة الدولة المرابطية في القرن الخامس الهجري..الامر الذي يعني ان وجوده سبق بفترة طويلة بعض المدن المذكورة، والتي كان إنشاءها ٦٣٦ أي بعد سقوط الدولة المرابطية .
وإذا بحثنا في المصادر الشفهية،و الآثار القائمة من القصر سنتأكد من البعد الحضري الذي حافظت عليه الأطلال،وكذلك البعد العلمي، والديني الذي ظل سكان القصر يعضون عليه بالنواجذ حتى اليوم.
.............
وقد لعب قصر تيكماطين دورا رياديا،بلإضافة الى انه كان مركز إشعاع علمي، بما يحتضن من محاضر نهل منها الكثير من العماء الذين تركوا بمصماتهم،في مختلف المتون العلمية..كان القصر بحدوده الواسعة،ملاذا، ومأمنا لعشرات القبائل المهاجرة من سلطة الاستغلال،والخلافات..يشكل وجودها اليوم في حدود القصر شاهدا من شواهد التاريخ على حضارة القصر..هذا فضلا عن الأجزاء التي اصبحت مزارات ،شاهدة هي الاخرى من الشواهد على تاريخ القصر الحافل بالعطاء.
كما شكل القصر في مرحل من مراحيل تاريخه مركزا تجاريا تتبادل فيه القوافل المختلفة بين الشمال والجنوب بضاعتها،مما انعش التجارة في المنطقة..،كما كان موقع القصر مساعدا على الزراعة،مما جعل سكانه يستغلون بها،وينتجون من واحات النخيل في منطقة"بارجم"و"اكصير النخل"الاطنان من التمور،و جذب منتجات الزراعة في القصر التجار الأوروبين في مراكز التبادل التجاري على مصب النهر.
وقد تأسس قصر "تيكماطين"الذي أصبح عاصمة "لمملكة كنار"التي سيطرت على اجزاء كبيرة من الجنوب الموريتاني،والشمال من سنغال في القرن السادس والسابع والثامن الهجري ،وشكلت تناغما مزدوجا بين سكان طرفي نهر صنهاجة .
ويعد همر فال ولد ابراهبم فال "لم"محمد المامي المكنى ب(أبي بزول) المؤسس الأول للقصر على انقاض قصر لمجموعة من "الولف"انتقلوا من المنطقة الى الشط الثاني من النهر حيث بنوا قصر"مصر جوف".
وتعاقب على زعامة قصر "تيكماطيين"زعامات من سلالة الشريف"أبي بزول"تعض بالنواجذ على الموروث الديني والاخلاقي الذي تركها عليه الجد حتى يومن هذا..فلم تحد ولم تتبدل.
الباحث/محمد احمد حبيب الله