بعث لي صديق - على الفيسبوك لا أعرفه فى الواقع - كلمات تقطر أسى لكنها تستحق المشاركة والتأمل!.
يقول الصديق الذي قدم نفسه بأنه شاب معطل من بلادنا " أنا خربج من قسم البيولوجيا- كلية العلوم قبل سبع سنوات ؛ فقير وابن فقير وذو نسب فى الفقر عريق؛ مارست كل أنواع الأعمال التى لا تخطر ببال من بائع ملابس فى سوق لكصر الى مشرف على عمال نظافة تابعة لرجل أعمال يقتل أحلام الشباب فى النهار ويتباكى فى المساء على شاشات التلفزيون طلبا لدعم الحكومة لأعماله التجارية شبه المنهارة.
ويضيف صديقي " كنت من اوائل الشباب الموريتاني الذين سلكوا طريق حائط المكسيك نحو يلاد العام سام؛ وصلت مثخنا بجراحي ومطوقا بديون تراكمت لتدبير خروجي من مدينتكم الظالمة أهلها؛ ويدأت أعمل حين مُنحت الحق فى ذلك وأصبحت لأول مرة قادر على تسديد التزامات والدتي فى الفلوجة حيث تقيم هنالك فى نواكشوط؛ وتوفير الغذاء لأربعة أطفال تركهم والدهم فى بيت صغير مع أمهم التى هي أختي وغاب فى زحام الحياة... تصل صور زيجاته كل شهر هاتف الصغيرة التى وأد أحلامها وحول جسدها لعجوز فى الستين؛ وبسبب العرف والعادة والواجب منعتني أمي من طرح قضيته عند مصالح وزارة الشؤون الاجتماعية ".
وبفعل الغربة والتعب وانقطاعي عن أخبار بلدي الذي منحني كل أسباب هجره؛ عادت الذاكرة تلعب معي لعبتها الخبيثة تلك... وفجأة هاجمني الحنين لإعداد الشاي والاستماع لديمي والخليفة وكمبان وبفعل هذا الثلاثي تسلل الشوق الى قلبي؛ ففعلت حسابي على الفضاء الأزرق وفى كل مساء أقرأ كتاباتك عن نواكشوط وصراعهم السيزيفي من أجل لقمة حلال يموتون من أجلها الف مرة فى اليوم.
يسحقون أمام مكاتب اداراتهم وفى وعود ساستهم و يموتون عند كل إشراقة عيد وحين تُكلل مساعيهم بتغيير أنبوبة غاز وتغيير عمدة فاسد ومدير مرتشي ومسؤول يجعل من أجسادهم الهزيلة جسرا لتحقيق أحلامه السادية ".
ويختم صديقي :شكرا جزيلا لوجود هنالك
وانصحك بتوضيب حقائبك والسفر الى بلاد لا يتطلب الحصول على حقك فيها كل هذا العناء ".