الحوادث-.قرر (ع)أن ينتحر،فلم يعد يطيق ما يسمع من أقرانه،ومايردده النساء حول ماتتعرض له والدته من أبيه من ضرب،وسحل،وتوبيخ في الشارع العام.
زملاءه في المحظرة القريبة من المنزل يعيرونه كل حاول المشاركة معهم في الحديث، او اللعب بضرب والده لوالدته،وميجريا بينهما على مرأي ومسمع من سكان الحي الذين صاروا ينظرون اليه والى والدته بنظرة استهزاء واحتقار.
سأل نفسه كثيرا رغم حداثة سنه عن الحساب الذي بين أبيه مع أمه التي لاتعصي له أمرا،وتقف عند نواهيه،قبل أوامره،وتطيعه طاعة عمياء..حتى انها ترفض زيارة والدتها بدون إذن منه،وإذا رفض عدلت عن نية زياراتها.
شاهد والدته ذات مساء جمعة وقد تجملت وتزينت لاستقبال بعض القريبات..وتأثر كثرا الى حد التفكير في الهجوم على والده وضرب رأسه بحجر حتى يتحطم..وذلك عند ما رآه يهجم على والدته ويضربها بمقبض خشبي ،ويعفر وجهها بالتراب..وبكى كثيرا وبحرقة وهو يرى والدته تضمد الأثار التي تركها ضرب والده.
عاش لحظات تجاوزها بصعوبة..صار يتغيب عن حصص المحظرة،ويتخلف عن المدرسة..ويتغيب عن زملائه، ويتهرب من لقائهم، واللعب معهم..فلم يعد يطيق سماع ما يتندرون به عن والدته،وتعانيه من بطش والده.
في مساء يوم من يناير ٢٠٢٤ لاحظت والدته انه مرتبك،وطائش البال..طلبت منه الذهاب الى المحظرة ..واجابها انه سيذهب اليها..انتبهت الى كابل كهرباء في يده..شاهدته عندما تجاوز الى دورة المياه ..كانت حين ذلك مشغولة في الغسيل..لم تلاحظ وجوده في المنزل وظنت انه ذهب الى محظرته..
لكنها تفاجأت ونهارت مغشيا عليها عندما وجدت باب دورة المياه مغلقا ..ورأت من الثقوب جسم طفلها (ع) متدل من سقف الحمام..صرخت وولولت..وصرخت ..مرات ومرات قبل ان تنهار مغشيا عليها من صدمة المشهد..
كان عمر في السنة الرابعة من العقد الثاني ..وكان يحب والدته الى حد الجنون..لقد فضل الإنتحار على ان يعيش ملحمة تعذيب والدته التي صبرت ..وصبرت..حتى فقد السيطرة ..وصار يبحث عم مهرب من الوضع المأساوي تعيشه امه..فلم يجد غير الإختفاء الى الأبد ..فقرر ان ينتحر ..في غفة من والدته التي كان الوحيدة معه في المنزل.