للرئاسيات المرتقبة في هذه السنة 2024 ،تقدم عدة مترشحين بإيداع ملفاتهم للسباق الرئاسي، وقد تباينت أعمارهم و معارفهم، واختلفت خبراتهم وتجاربهم ، ان كانت موجودة في الحقل السياسي والنقابي والثقافي والعلمي ..والجمعوي بشكل عام ، واختلفت كذلك في مجال التسيير العمومي ( القطاعات ...المرافق ) ، واكثرهم لا علم له بالدبلماسية ولا بعلم العمران البشري .
تقدم هؤلاء لإدارة شؤون البلاد ، والبلاد في محيط إقليمي اقل ما يقال عنه انه في غاية السخونة والإضطراب ، كل المؤشرات تبين انه ليس في مأمن من اضطراباته تلك ، وأن عدواه قد تلحق البلاد _ لا قدر الله_ إن هي لم تحسم امر أمنها واستقرارها من خلال خيار متبصر للشخص الذي سيختاره شعبها لتولي دفة الحكم في هذه الاستحقاقات المنظمة في هذا الظرف العصيب،.
والحاصل عندنا ان جميع المترشحين ، هم بالتأكيد أبناء برر لهذا الوطن ، وأن القاسم المشترك بينهم هو نبل الهدف الذي يسعى له كل واحد منهم عند ترشحه .
هذا ، لا مراء فيه ، ولكن نبل الهدف _رغم أهميته _ليس بالأمر الكافي ،لأن البلدان والدول ، على الاصح ،لا تساس بالطيبوبة ، ولا بحسن النوايا فقط ، رغم أهمية ذلك ، ولكنها تساس اكثر من ذلك ،بالحزم والعزم والتصميم وبقوة البصيرة وصلابة
الارادة وشمولية التفكير ووضوح الرؤية والخبرة والتجربة وحسن التدبير والعدالة في مداواة اعطاب الناس والميل والانحياز للضعفاء اكثر عند توزيع الثروة ، وقبل هذا وذاك ، الإحاطة بمجموع الأمور المرتبطة بالدولة والمجتمع وبالناس وبالاخر( الشركاء _ الدبلوماسية ..).
واعتقادنا ان من ليست له دراية بهذه الأمور مجتمعة او بجلها ، وليست له خبرة وتجربة غنية بالملف الأمني على الخصوص، باعتباره أولوية الاولويات في هذه المرحلة المتلاطمة الأمواج في الجار القريب ، وفي الجار الذي يليه ، وفي العالم بشكل أعم، لا يمكن أن يشكل خيارا وطنيا لإدارة شؤون الوطن .
قد يقول البعض ان كل مترشح من المتنافسين على كرسي الحكم ،له نصيب من هذه الأمور او هو يستجمعها كلها او الكثير منها ، وبالتالي فإن ايا منهم يستطيع أن يسوس البلاد في هذه المرحلة !؟
ونقول ردا على ذلك _ وبكل موضوعية _ ان ذلك صحيح الى حد ما، ولكن هو صحيح فقط ، لو كانت البلاد والدولة على الاصح ، قد تجذرت فيها الديمقراطية ونضج شعب تلك الديمقراطية وصارت له مؤسسات يحترمها وينظر إليها كمكتسب وطني مشترك ، يحترمه الجميع ويحافظ عليه ، ومستعد لحمايته والدفاع عنه مهما كان الثمن ، لكن هل هذا هو الحاصل ؟
ام ان دولتنا مازالت ديمقراطيتها ،ومؤسساتها_ ان كانت موجودة _اداة للإنتفاع فقط، ومن لا ينتفع منها يرفع جلاده عليها ويضع خنجره في خاسرتها حتى تذعن لسلطانه او سلطان جهته اوقبيلته او شريحته ..وتمتثلَ لذلك ، وتلبي مطلب اي من هذه ،على حساب عموم الناس والمجتمع .
مِثل دولة ، هذا حالها ، بلا ديمقراطية مُترشحة عن واقع بلدها ومُترسخة في العقلية
والسلوك ،وبلا مؤسسات راسخة وقوية ، ليست مؤهلة ليسوسها كائنا من كان ، لمجرد انه يمتلك بعض تلك المعايير التي ذكرناها آنفا ،فقد يصح ذلك لو انها كانت بتلك المواصافت( ديمقراطيةراسخة _مؤسسات قوية ) ، لان دور من يسوسها في هذه الحالة ليس بالأمر الصعب ، لأن الدولة القوية بمؤسساتها ، يقتصر في_ الغالب _ دور من يدير شانها على التنسيق وإجراء بعض الإصلاحات في هذا القطاع او ذاك ، وتغير الحاكم فيها لا يغير من حال أمورها،لان أمورها تحكمها مؤسسات ، ولذلك نلاحظ في الغرب لترسخ المؤسسات فيه وعراقة الديمقراطية ان الحكام لا يغيرون شيئا مهما في تلك الدول ، كأنما هم طائر التيدومة ( ينزل عليها ويطير دون ان تعلم به ) ، هل هذا هو حال الدولة عندنا ؟ وهل هو حال الدولة في العالم الثالث الذي نحن حزء منه !؟
وذا كان هذا الحال ليس بحال الدولة عندنا،فمعنى ذلك أن ليس في مقدور اي من المترشحين المتقدمين لكرسي الرئاسة بالقادر على تولي شأن الدولة ، ولو تساووا في جل الأمور التي ذكرناها كمعايير ، فإن جانبا واحد على الاقل ليسوا فيه متساوون ، وهذا الجانب هو ذاك المربط ببقاء واستمرار هذا الكيان وهذه الساكنة بتنوعها البديع ، الجانب المرتبط بكينونة هذه الدولة ومجتمعها ، وبدونه قد تصبح في خبر كان _ لا قدر الله_ ، ونقصد بهذا الجانب ، الناحية الأمنية، الأمن القومي لبلدنا ، فاي من المترشحين له خبرة وتجربة غنية في هذا الجانب سينال بالتأكيد ثقتنا كمواطنين ، لاننا نعتبر الجانب الأمني المرتبط بوجودنا وبقائنا على هذه الأرض، هو اوليوية الاولويات بالنسبة لنا، قبل كل شيئ ، قبل وبعد تدبير أمور العيش والرفاه والرخاء الاقتصادي والاجتماعي ...لأن هذا الجانب هو المقلق حقا لنا ، ولا تنمية بدونه على الإطلاق ؟
واذا كنا متفقين على هذا الأمر،، ونحن متفقون عليه بالتأكيد، لكونه مُقنعا لنا ،فإن من واجبنا الوطني والديني، أن ننظر بموضوعية وتجرد في المواصفات التي تتوفر في ابنائنا المتقدمين الى ادارة شؤون بلدنا ، فاي منهم له معرفة وخبرة وتجربة غنية في الجانب الأمني كاولوية الاولويات عندنا في المرحلة الحالية التي يمر بها بلدنا وجواره الإقليمي المتلاطم والمناخ العالمي الساخن ، فعلينا ان نختراه ،دون تردد، ودون النظر فيما نحققه من مكاسب ذاتية او شخصية ،قد تعود بالنفع علينا او على تنظيماتنا نقابة كانت ام حزبية أم جهوية ام قبلية ام عرقية .. لأن مثل هذا الاختيار القائم على هذا المعيار ،كمعيار جوهري للحاكم في هذا الظرف ، هو المعيار الضامن لوجود شخص قادر على تحقيق هذا المطلب الامْ لجميع المطالب ، فاي من المترشحين يتوفر على هذا الشرط ،؛فهو بالتأكيد الأصلح لنا ، فعلينا ان نضع سِير المتقدمين لإدارة شؤون بلدنا ،أمامنا ، ولننظر بموضوعية إلى تلك السِير ونزنها بمزان القعل والحكمة وننظر الى المصحلة العليا للوطن ، وبالنظرة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وعندها سنختار الأصلح للبلاد والعباد ، وبالتأكيد ان صاحب الخبرة والتجربة الأمنية الغنية لن يزاحمه احد في نيل ثقتنا كناخبين وطنيين حقا ، فانظر انت بحسك الوطني وبعقلك أين تضع خيارك وثقتك ،وتذكر عناون المقال " المترشحون للرئاسيات وأمن الوطن " !؟ يتبع لاحقا