"منت الصادق : ضحية النزاهة في مواجهة شبكات الفساد"

أربعاء, 11/27/2024 - 19:54

شهدت الساحة الوطنية قرارًا مثيرًا للجدل، تمثل في إقالة السيدة منت الصادق من إدارة شركة "كاميك"، الشركة المسؤولة عن تنظيم سوق الأدوية في البلاد. هذه الخطوة المفاجئة لم تمر دون أن تُثير تساؤلات واسعة حول مدى جدية الحكومة الجديدة في محاربة الفساد، وحول مصير الكفاءات التي تضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.

قيادة استثنائية في مواجهة الفساد

على الرغم من أنني لم أتعرف شخصيًا على السيدة منت الصادق، إلا أنني تابعت ظهورها الإعلامي، حيث كانت تعرض معطيات دقيقة عن الأوضاع داخل الشركة، وتُبرز رؤيتها الإصلاحية في ضبط السوق ومحاربة التزوير. خلال إدارتها، ظهرت كقيادية استثنائية تمكنت من ترتيب الأولويات، ووضع حد للفوضى التي كانت تستغلها شبكات تجارة الأدوية المزورة.

كانت سياساتها بمثابة شوكة في خاصرة هؤلاء التجار الذين يعتمدون على استيراد أدوية مغشوشة من الصين وغيرها، وهي سياسات دفعتهم إلى استخدام نفوذهم وشبكاتهم داخل الدولة لإزاحتها.

ضريبة النزاهة في بيئة تحكمها شبكات المصالح

قرار الإقالة يكشف واقعًا أليمًا عن بيئة العمل الإداري في البلاد، حيث تجد الشخصيات النزيهة والمهنية نفسها مستهدفة من شبكات الفساد التي تسيطر على القرار السياسي والاقتصادي. السيدة منت الصادق، بجرأتها وصرامتها، أثبتت أنها امرأة مختلفة، لكن في نظام تتحكم فيه المصالح الضيقة وشبكات النفوذ، فإن مثل هذه الشخصيات نادرًا ما تستمر.

حكومة ولد انجاي وإقالة أول امرأة كضحية

المفارقة اللافتة أن تكون أولى ضحايا حكومة ولد انجاي امرأة عُرفت بمواقفها القوية ضد الفساد. هذا القرار يتناقض مع شعارات الإصلاح، ويُظهر انحيازًا واضحًا لصالح المفسدين الذين يُرضون قيادة الحزب الحاكم بشتى الطرق. في وقت تعاني فيه الدولة من فساد مستشرٍ يُلاحظ في كل وزارة وإدارة، تأتي هذه الإقالة لتبعث رسالة سلبية حول مستقبل الإصلاح.

أسئلة مشروعة حول الإصلاح

ما حدث مع السيدة منت الصادق يثير أسئلة جوهرية: هل يمكن لأي إصلاح حقيقي أن يستمر في ظل هيمنة المصالح الخاصة على مفاصل الدولة؟ هل يمكن لشخصيات نزيهة أن تصمد في مواجهة ضغوط شبكات الفساد؟ وهل لدى الحكومة إرادة سياسية لدعم الكفاءات، أم أن المفسدين سيظلون في مأمن طالما يُرضون مراكز القوى؟

إقالة السيدة منت الصادق ليست مجرد قرار إداري، بل هي مؤشر على التحديات الكبيرة التي تواجه الإصلاح في بلادنا. فقد كانت ضحية لمواقفها الصارمة وجهودها المخلصة في مكافحة الفساد. مثل هذه القرارات تدعو للتفكير بجدية في كيفية دعم الكفاءات، خاصة النساء، في مواقع القيادة، وتطرح تساؤلات حول مصير الإصلاح في دولة تتحكم في شرايينها شبكات المصالح.

م.أ.حبيب الله