مع دخول اليوم الثاني عشر لعملية "ردع العدوان"، شهدت سوريا تطورًا محوريًا في مسار الأحداث الدامية التي تعصف بها منذ سنوات. أعلنت قوى المعارضة السورية أنها بدأت دخول العاصمة دمشق، وذلك بعد ساعات فقط من تمكنها من السيطرة على مدينة حمص، التي تعد مركزًا استراتيجيًا في البلاد. وأكدت المعارضة سيطرتها على مبنى الإذاعة والتلفزيون في العاصمة، مما يمثل ضربة معنوية كبيرة للنظام السوري.
انسحاب الجيش السوري من حمص
في وقت سابق من اليوم ذاته، أعلنت المعارضة دخول مدينة حمص من جهتي الشمال والشرق، وسط تقارير عن انسحاب العشرات من مركبات الجيش السوري من المدينة. وأشارت مصادر محلية إلى أن هذا الانسحاب تم تحت ضغط تقدم المعارضة، بينما ذكرت وكالة رويترز أن قادة عسكريين وأمنيين غادروا قاعدة الشعيرات العسكرية في ريف حمص باستخدام مروحيات متجهة نحو الساحل السوري. هذه التحركات تعكس حالة من الارتباك داخل صفوف النظام، في ظل تراجع الدعم الميداني وتضاؤل السيطرة على الأرض.
غياب الرئيس الأسد عن المشهد
ذكرت وكالة رويترز -نقلاً عن مسؤولين سوريين رفيعي المستوى- أن الرئيس بشار الأسد غادر العاصمة دمشق إلى وجهة غير معلومة. هذا الغياب المفاجئ للرئيس السوري يثير تساؤلات حول استقرار النظام وقدرته على مواجهة التحديات المتزايدة. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "إيكونوميست" البريطانية، فإن الأسد لم يظهر علنًا منذ أيام، ما يعزز الشائعات حول تراجع موقفه.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأسد، رغم رغبته في القتال حتى النهاية، يواجه نقصًا حادًا في الدعم الداخلي والخارجي. وفي هذا السياق، صرح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بأن حلفاء الأسد التقليديين، مثل إيران وحزب الله وروسيا، باتوا أقل استعدادًا لتقديم الدعم الذي حصل عليه سابقًا، مما يترك النظام في حالة عزلة.ا
نعكاسات سيطرة المعارضة على دمشق
دخول المعارضة إلى دمشق، إذا تم تثبيته، قد يمثل نقطة تحول حاسمة في الصراع السوري. فالعاصمة ليست فقط المركز السياسي للنظام، بل تحمل رمزية كبيرة كونها معقل الحكم منذ عقود. السيطرة على مواقع حيوية مثل مبنى الإذاعة والتلفزيون تعني فقدان النظام لقنواته الرئيسية في التواصل مع الشعب والعالم، مما يفاقم من أزمته.
كما أن التطورات الميدانية تشير إلى ضعف قبضة النظام على المناطق الرئيسية، وخصوصًا مع تراجع الدعم العسكري واللوجستي من حلفائه. هذا التراجع قد يؤدي إلى تسريع انهيار النظام، خاصة في ظل استمرار الانشقاقات داخل صفوف الجيش.
مواقف دولية متباينة
تتابع القوى الدولية التطورات في سوريا بحذر، وسط انقسام في المواقف بين دعم المعارضة والبحث عن حلول دبلوماسية. الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أعربوا عن تأييدهم لتطلعات الشعب السوري، بينما تستمر الدعوات لتجنب المزيد من التصعيد. على الجانب الآخر، تحاول روسيا وإيران التمسك بموقفهما الداعم للنظام، لكن الواضح أن دعمهما أصبح أقل حسمًا مقارنة بالمراحل السابقة.
سيناريوهات المستقبل
التطورات الحالية تفتح الباب أمام عدة سيناريوهات:
1. تثبيت سيطرة المعارضة على دمشق: إذا تمكنت المعارضة من فرض سيطرتها الكاملة على العاصمة، فقد يعني ذلك نهاية فعلية للنظام الحالي وبدء مرحلة انتقالية جديدة.
2. تصعيد عسكري من قبل النظام: قد يلجأ النظام إلى محاولة استعادة دمشق بدعم محدود من حلفائه، مما ينذر بمعارك دامية.
3. حل سياسي:قد تدفع هذه التطورات الأطراف الدولية إلى تكثيف الجهود لإيجاد تسوية سياسية .
مع دخول المعارضة السورية إلى دمشق، تدخل الأزمة السورية مرحلة جديدة قد تكون الأكثر حساسية منذ اندلاع النزاع. الأحداث المتسارعة تعكس ضعف النظام وتنامي قوة المعارضة، وسط ضبابية حول مستقبل البلاد. يبقى السؤال: هل تكون هذه التطورات بداية النهاية للنظام، أم أن الصراع سيستمر في تغيير موازين القوى بشكل غير متوقع؟