
تكنت – مراسل الحوادث
تُعدّ بلدية تكنت من البلديات ذات الإمكانات التنموية الكبيرة، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، إذ تتوسط المسافة بين العاصمة نواكشوط وعاصمة ولاية اترارزة روصو، كما أنها تتقاطع حدوديًا مع عدد من القرى التابعة لمقاطعات كرمسين، واد الناقة، والمذرذرة، وهو ما منحها تميزًا خاصًا، ولفت إليها أنظار المستثمرين في مجالات مختلفة.
قرية الصيد على الشاطئ.. مشروع وُئد قبل اكتماله
من أبرز المشاريع التنموية التي شهدتها البلدية في فترات سابقة، إنشاء قرية للصيد البحري على شاطئ المحيط الأطلسي، وهي مبادرة أطلقها بنن ولد اشريف اول عمدة للبلدية، وشق طريق يربطها بمركز المدينة. غير أن المشروع أُهمل بعد مغادرته المنصب، ليقع لاحقًا تحت سيطرة جهات خاصة استغلته لأغراض لا تخدم البلدية ولا سكانها، وسط غياب أي متابعة من العمد اللاحقين.
استثمارات دون مردود محلي
في السنوات الأخيرة، توجه عدد من الشركات العاملة في مجال إنتاج المياه المعدنية للاستثمار في بلدية تكنت، مستفيدة من جودة المياه الجوفية في المنطقة. لكن هذه المشاريع، ورغم حجمها، لم تنعكس إيجابًا على التنمية المحلية، حيث تعتمد في الغالب على عمالة أجنبية تستجلب من خارج البلدية، في الوقت الذي يعاني فيه شباب تكنت من البطالة. كما أن أغلب هذه الشركات لا تسدد الضرائب المستحقة للبلدية، ما يحرمها من موارد مهمة.
الطفرة السياحية... منفعة للتجار ومعاناة للمجتمع
شهدت تكنت خلال الأعوام الماضية إقبالًا متزايدًا من الزوار، خاصة في موسم الخريف، ما حفّز بعض التجار على الاستثمار في بناء شقق مفروشة وإقامات سياحية. لكن هذه المنشآت تحوّل كثيرٌ منها، بحسب سكان محليين، إلى أوكار تُستغل للتغطية على نشاط شبكات منحرفة، في ظل غياب الرقابة والالتزام بالضوابط القانونية. ويؤكد السكان أن هذه المشاريع، رغم أرباحها، لا تسدد الضرائب الواجبة، ما يُفرغها من أي دور في دعم التعليم أو الصحة أو البنى التحتية المحلية.
مصادر مياه عمومية تحوّلت إلى مصالح شخصية
في إطار جهود الدولة لمواجهة العطش في بعض القرى التابعة للبلدية، تم إنشاء شبكات مياه انطلاقًا من آبار ارتوازية بهدف تزويد السكان بالماء الصالح للشرب. غير أن متنفذين منتخبين، بحسب شهادات محلية، قاموا بتحويل وجهة هذه الشبكات نحو استثماراتهم الزراعية الخاصة، مثل ما هو حاصل في ما يعرف بـ"شبكة العرش"، مما حرم السكان من حقهم في مياه كانت مخصصة لهم.
أزمة موارد وإرادة مقيدة
يحاول العمدة الحالي تنفيذ جزء من برنامجه الانتخابي، عبر القيام ببعض الإصلاحات، لكن ضعف الموارد يشكل عائقًا حقيقيًا أمام طموحاته. إذ تقتصر جباية الضرائب على الفئات الهشة، التي أُبعدت عن الأرصفة في إطار التنظيم، بينما يستفيد أصحاب المصالح الكبرى من امتيازات واسعة دون أي التزام ضريبي أو مسؤولية اجتماعية.
خلاصة
تعاني بلدية تكنت من مفارقة تنموية حادة، فرغم ثرائها الطبيعي وميزاتها الجغرافية، إلا أن غياب الرقابة على المستثمرين، وتجاهل المنتخبين لمصالح السكان، وحرمان البلدية من الضرائب المستحقة، كلها عوامل عمّقت الفجوة بين الإمكانات والطموحات، وأبقت التنمية المحلية في دائرة الوعود غير المنجزة.