
حذّر معهد الدراسات الأمنية الدولي (ISS)، في تقرير جديد صدر أمس، من تصاعد التهديدات الإرهابية في غرب مالي، داعيًا موريتانيا ومالي والسنغال إلى توحيد الجهود في مواجهة هذا الخطر العابر للحدود، والذي يشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها واقتصاداتها.
وأشار التقرير، الصادر عن المعهد الذي يتخذ من جنوب إفريقيا مقرًا له، ويملك مكاتب إقليمية في السنغال وكينيا وإثيوبيا، إلى خطورة الهجمات المتزايدة في مدينتي كايس ونيورو الواقعتين غرب مالي، والمحاذيتين لكل من موريتانيا والسنغال، معتبرًا أن فرض الجماعات المسلحة حصارًا على هاتين المدينتين سيُخلف تداعيات أمنية واقتصادية كارثية على الدول الثلاث.
ونبّه التقرير إلى أن المنطقة الحدودية بين الدول الثلاث تُعد من أكثر المناطق هشاشة من الناحية الأمنية، بسبب أهميتها الجغرافية والاقتصادية، خصوصًا أنها تضم الممرات التجارية والطاقوية الحيوية التي تربط نواكشوط وداكار بالعاصمة المالية باماكو.
ووفق التقرير، فإن مدينة كايس تُعد شريان الإمداد الرئيسي في مالي، وأي تدهور أمني فيها سيعطّل حركة التجارة ويؤثر سلبًا على قطاعات حيوية، خاصة قطاع التعدين، كما سيؤدي إلى شلل محتمل في حركة البضائع عبر ميناء داكار الذي تمر من خلاله 70% من واردات وصادرات مالي.
وحذّر التقرير كذلك من أن السدود الكهرومائية الواقعة في منطقة كايس، والتي تزود مالي وموريتانيا والسنغال وغينيا بالكهرباء، قد تتعرض للتهديد في حال استمرار التدهور الأمني، مما يعرض الأمن الطاقوي في المنطقة للخطر.
وأكد التقرير أن جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" أطلقت تهديدات بفرض حصار على كايس ونيورو، انتقامًا لما اعتبرته دعمًا محليًا للجيش المالي، مشيرًا إلى أن الوضع يتطلب استجابة منسقة ومتعددة الأوجه بين البلدان الثلاثة.
وعلى الرغم من وجود آلية تعاون أمني مشترك منذ 2007 تشمل تبادل المعلومات الاستخبارية وتسيير دوريات مشتركة، شدد التقرير على أهمية تعزيز القدرات العملياتية وتطوير تقنيات المراقبة، بما في ذلك أنظمة الكشف عن الطائرات دون طيار التي باتت تمثل تهديدًا مباشرًا للقوات والبنية التحتية.
وفي الجانب التنموي، لفت التقرير إلى أن الفقر والتهميش في المناطق الحدودية يوفران بيئة خصبة لتجنيد العناصر المتطرفة، داعيًا إلى معالجة الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية، عبر الاستثمار في التعليم، الصحة، البنية التحتية، وتوفير الماء والكهرباء، رغم ما تملكه المنطقة من ثروات زراعية ورعوية ومعدنية.
كما أوصى التقرير باعتماد نهج جديد للتعاون الأمني والاقتصادي بين دول الساحل، خاصة تحالف (مالي، النيجر، بوركينا فاسو)، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، عبر مواءمة هذا التعاون مع عملية نواكشوط التي أطلقها الاتحاد الإفريقي سنة 2013 لتعزيز التنسيق الإقليمي ضد الإرهاب والجريمة المنظمة.