...وفي عتمة الظلام البهيم المخيم على المكان، وبينما كنت التقط الأنفاس من ثقل الأجسام التي تكدست فوق جسمي النحيل ببطء، وصوت النخير المزعج يضج بالمكان.. انتشلت نفسي من الموت بعد جهد.. وفجأة ارتفعت الأصوات بالزنزانة المحاذية لزنزانتي، وطغى على صوت أحذية العسكر وهمهمتهم، صوت فتاة تبحث عن النجدة.. حاولت أن أتبين من بصيص النور القادم من بعيد جلية الأمر ..لكن لم أر غير صور كالأشباح تلبس ظلام الليل، ووحشة السجن لتفعل ما يحلو لها..وسمعت صوت فتاة تجهش بالبكاء ينفذ من ثغرة صغيرة بالزنزانة.. اقتربت من جهة مكان الصوت، والتصقت أذني بالجدار لعلي أسمع شيئا.. وتناهى إلى حديث الفتاة وهي تحكي القصة لصديقتها بصوت يقطعه النحيب والبكاء.. لم أتمكن القصة والذي سمعته منها أن الزعيمة ذهبت بها وقدمتها لرئيس فرقة الحرس في غرفتها،والعناصر التابعين له، وقد تعبت كثيرا، وأنها أصيبت بنزيف شديد، لم يتوقف بعد.. و أن الزعيمة لم ترأف بها فقد عاملتها بوحشية.. كانت تجذبها من شعرها وحلمات ثدييها.. كانت تردد المسكينة أنها تعذبت كثيرا، حسب ما سمعت من حديثها .. تألمت المسكينة، وأحسست بنبض قلبي يتسارع والخوف يجثم علي جسمي الذي ارتعش وأنا أحاول أن أقيم من جلستي بعد أن دفعت بالأجسام النائمة في سبات عميق..تلفعت بطرف "ملحفتي" التي تناثرت منها رائحة العرق ونتانة الزنزانة، وأنا أتصور نفسي بين أيدي العساكر في غرفة الزعيمة ..كانت نظراتي تنتهي الظلام المحدق بي وأناملي تتحسس الأجسام المتناثر من حولي.. هل كل واحد منهن مرت على الغرفة وقدمت للعساكر هدية من الزعيمة..؟.. أسئلة تثير اهتمامي.. وتبعث في داخلي غول من هواجس الخوف يعصف بي.. فجسمي النحيل لا يتحمل عبث العسكر، وجنون هلوسة الزعيمة... وبين دوامة الخوف من المجهول والحرب الضروس مع جحافل جيوش الباعوض تحرك الوقت بطيئا نحو النهاية، ليسفر عن صبح جديد في ويوم جديد في سجن النساء... تابع