
تشهد الساحة الوطنية منذ فترة نقاشاً واسعاً حول آلية التعيينات في الوظائف الإدارية والعمومية بموريتانيا، بين من يعتبرها خاضعة لسلطة تقديرية للمسؤول الأعلى كثيراً ما تتأثر باعتبارات ضيقة وضغوطات مختلفة، ومن يرى ضرورة ضبطها وفق مسطرة قانونية شفافة.
ويرى أصحاب الرأي الداعي للإصلاح أن الإدارة العمومية عانت خلال العقدين الماضيين من تعيينات وُصفت بأنها قائمة على الولاءات السياسية أكثر من اعتمادها على الكفاءة، مما أفرز مسؤولين يفتقرون للمؤهلات العلمية والعملية، ويشرفون على موظفين يملكون خبرات وشهادات أرفع.
وتعالت الدعوات لاعتماد معايير واضحة للتعيين تشمل الكفاءة العلمية، والسيرة الأخلاقية، واللياقة البدنية، حتى لا تتحول المناصب الإدارية إلى "حظوظ شخصية" أو رهينة للضغوط، وهو ما ينعكس سلباً على أداء المؤسسات.
ويستحضر المنتقدون نماذج عدة، من بينها جلوس أستاذ جامعي مقتدر تحت إدارة أحد طلابه السابقين الذين عُرفوا بالضعف الدراسي، إضافة إلى تهميش دفعات من الموظفين المؤهلين بعد تكوينهم، لصالح أشخاص جرى استقدامهم من خارج القطاع.
وكان الوزير الأول الحالي، المختار ولد أجاي، قد وعد في وقت سابق بوضع مسطرة مضبوطة للتعيينات في الوظائف الفنية والحساسة، غير أن مراقبين يؤكدون أن الحاجة ما تزال قائمة لتوسيع تلك المسطرة لتشمل جميع الوظائف العمومية.
ويأمل كثيرون أن يتم تأسيس لجنة عليا محايدة تتولى مراقبة وضبط التعيينات وفق معايير موضوعية، بحيث تصبح المسؤوليات تكليفاً قائماً على الكفاءة، لا مجرد صدفة أو ضربة حظ.