التجويع كسلاح حرب.. جريمة قديمة تتجدد من البنغال إلي غزة

جمعة, 10/03/2025 - 22:28

في سبتمبر/أيلول 1943، نشرت صحيفة ذا ستيتسمان الهندية تقريرا جريئا عن مجاعة البنغال التي حصدت آلاف الأرواح أسبوعيا تحت الحكم الاستعماري البريطاني، متحدية الرقابة الصارمة التي منعت الإشارة إلى الكارثة. فقد وثقت الصحيفة وفاة أكثر من 1300 شخص في أسبوع واحد، ونقل آلاف الجوعى إلى المستشفيات، بينما كانت السلطات الاستعمارية تقلل من حجم المأساة وتصف الضحايا بـ"المعدمين المرضى".

المجاعة التي تسببت فيها سياسات "الأرض المحروقة" ورفض لندن إرسال كميات كافية من الحبوب، أسفرت في النهاية عن وفاة نحو 3 ملايين إنسان. وبرغم وضوح الطابع المتعمد للتجويع، لم يُحاسب أي مسؤول بريطاني، في ظل نظام دولي آنذاك اعتبر الحصار والتجويع أدوات "مشروعة" في الحروب.

القانون الدولي اليوم يحظر بشكل صريح استخدام التجويع كسلاح، حيث نصت بروتوكولات جنيف لعام 1977 على منعه ضد المدنيين، كما جرّمه نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية باعتباره جريمة حرب. ومع ذلك، تبقى المحاكمات نادرة بسبب صعوبة إثبات "النية"، ولأن سياسات الحصار والعقوبات غالبا ما تُقدَّم على أنها تدابير عسكرية مشروعة.

ويرى خبراء القانون أن مواجهة هذه الجريمة باتت أكثر إلحاحا، لأن التجويع – كما يحدث في غزة حاليا – يترك آثارا مدمرة طويلة الأمد على المجتمعات، لا تقل فداحة عن القصف أو المجازر.

ويؤكد الباحثون أن تسمية التجويع بوضوح كجريمة حرب، ومحاسبة المسؤولين عنه، هو السبيل الوحيد لردع القوى التي لا تزال تستخدم الجوع سلاحا ضد المدنيين دون خشية من العقاب.