
كنا مجرد أطفال، وكان الحيّ ينظم في نهاية كل فصل من فصول السنة مسابقة للجري.
اجتمع الناس من حولنا، واصطففنا نحن الأطفال في خط البداية، ننتظر إشارة الانطلاق.
وحين أشاروا إلينا، انطلقنا بكل حماس، والابتسامات تملأ وجوه الأمهات وعيونهن تترقب من سيفوز.
ركضت بكل قوتي، لكني تعثّرت وسقطت، فجرحت ركبتي، ورأيت الغبار يعلو من حولي بينما الأطفال يواصلون السباق.
خفت أن أتأخر، حاولت النهوض والدموع تملأ عيني، فإذا بامرأة ترتدي عباءة سوداء، تحمل علبة إسعاف صغيرة.
اقتربت مني برفق، وأوقفتني، ونفضت الغبار عني.
قلت لها بصوت متقطع: "اتركيني، سيسبقونني!"
فابتسمت بحنان، وضمّدت جرحي، وقالت:
"لن يسبقوك يا نور عيني، انظر إلى تلك الطريق، اسلكها وستصل قبلهم."
وبالفعل، سلكت الطريق الذي أشارت إليه، فكنت أنا من فاز بالسباق.
وما أروعك يا أمي، وما أحنّك!
أتدرون ما الذي كانت تحمله في علبة الإسعاف؟
لم تكن سوى لوحٍ وقلمٍ وحبر.
فبهذه الأدوات يمكن للإنسان أن يفوز في سباق الحياة،
ومن دون القراءة والكتابة لا يمكن أن يتقدم خطوة واحدة.
إنه سباق الزمن، سباق لا يتوقف،
ومن أراد الفوز فيه، فليتسلح بالعلم والمعرفة،
ولا يكن متأخرًا عن ركب المتسابقين.