
لو نظرنا إلى حال المسلمين اليوم، لوجدنا كثيرًا منهم أشد حرصًا على أموالهم من حرصهم على أوقاتهم.
فالوقت عند بعض الناس شيء يسير لا يُلتفت إليه، ولو ناديت أحدهم فجرًا قائلاً: "سارق!"، لانتفض من نومه وأفاق مسرعًا،
لكن حين يُنادى: "حي على الصلاة"، لا يتحرك إلا من رحم الله.
أيها الأحبة،
الذي يسرق أوقاتنا ليس إلا الشيطان، يسرق منا ما لا يمكن استرجاعه أبدًا.
أما المال، فإنه إن ذهب يعود، ولكن الوقت إن ضاع لا يعود،
إلا إن عاد ذلك الرضيع الصغير الذي رحل ولن يعود...
قصة مؤلمة تحكيها لنا العبرة:
كانت أمٌّ ترضع صغيرها في بيتها، وبجوارها أطفالها الصغار يلعبون.
غفا الرضيع على صدرها، وفي تلك اللحظة جاءت صديقة لها تدعوها إلى سوق القرية القريب.
قالت الأم في نفسها: "لن أتأخر، دقائق فقط."
فوضعت طفلها على الفراش نائمًا، وخرجت مع صديقتها،
وانشغلت بالحديث والضحك، حتى نسيت مرور الوقت.
أما الرضيع، فقد استيقظ من نومه، وبدأ يحبو حتى وصل إلى حوض ماء قريب.
سقط فيه دون أن ينتبه أحد من الأطفال المنشغلين باللعب.
وحين تذكرت الأم فجأة أنها تأخرت، عادت مسرعة إلى بيتها...
لكنها عادت لتجد صغيرها جثة هامدة في الحوض.
فهل سيعود ذلك الرضيع إلى الحياة؟
كلا، لن يعود أبدًا.
وكذلك هو الوقت، إذا ضاع لا يمكن استرجاعه،
فهو كالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
فلنغتنم أوقاتنا قبل فوات الأوان،
ولنعلم أن الدقائق التي تضيع في الغفلة لا تعود،
فهي من أعمارنا التي سنُسأل عنها يوم القيامة.