لكثير من الناس يخلط بين التأديب والتعذيب وهما يختلفان تمام الإختلاف فلا يمكن بحال من الأحوال أن يؤثر التأديب تأثيرا سلبيا على نفسية أي طفل سليم نفسيا فالإنسان بصفة عامة مجبول على النسيان والأطفال بصفة خاصة ينسون أكثر من الكبار وحسب تجربتي المتواضعة في التعليم وتعاملي مع شتى الأطفال من مختلف الأعمار أجد أن التأديب لابد منه لمصلحة الأطفال لكن للتأديب حدودا على المؤدب مراعاتها وعدم تجاوزها ..فمن منا لم يتعرض للضرب وهو لايزال صغيرا ولم يؤثر ذلك عليه تأثيرا سلبيا ولم يترك أي أثر في نفسه..
أذكر أني حينما كنت في الصف الثاني الأساسي كان لدي معلم "للوح" يسكن مع جيراننا وأدرس عليه رفقة بنات الحي وأبنائهم كنا مجموعة كبيرة وفي أحد الأيام أصابتني حمى شديدة وظهرت في جسمي بعض الحبيبات الصغيرة تبين لاحقا أنها "خلفت" ..تغيبت لمدة اسبوع كامل وحينما تعافيت بعض الشيء عدت إلى "اللوح" كان ذلك اليوم حارا وحضرت زوالا أخذت لوحي وجلست متربعة إلى جانب إحدى صديقاتي وبدأت في القراءة كان "لمرابط" في الحمام وقتها وعندما خرج أخذ سوطه وانهال على ظهري بالضرب لا أعرف لأي سبب لم يتوقف إلا حينما شاهد قطرات من الدماء على فستاني تسيل من ظهري ..بالطبع حينها غضبت كثيرا وكرهت معلمي كرها شديدا لكني نسيت كل ذلك بعد فترة وجيزة ..ولم يترك في نفسي أي أثر سلبي على الرغم من قساوة المشهد..
أذكر أيضا وأنا في الصف الخامس الأساسي كان أبي رحمه الله يراجع لي دروسي فباغتني بسؤال لم أكن جاهزة له ومن شدة خوفي منه لم أستطع الإجابة فأعاد السؤال بنبرة حادة "ماهي مساحة المثلث؟" لم أجب فرفع يده وصفعني على وجهي قائلا مساحة المثلث تساوي (القاعدة ×الإرتفاع٪ على 2) رسخت المعلومة في ذهني إلى حد الساعة يمكنني أن انسى مساحة كل الأشكال الهندسية ماعدا المثلث كنت أعرف أن أبي يريد مصلحتي ..كان لتلك الصفعة أثرها الإيجابي علي..
لذا على المعلمين جميعا التفريق بين التعذيب والتأديب.. فما فعل المعلم كمرا يعتبر عنفا وليس تأديبا وعلى كل من يرى أن التأديب لا يأتي بأي مصلحة للأطفال فليجرب التدريس في المدارس الإبتدائية لمدة شهر واحد ثم يترك التلاميذ دون تأديب فإن لم ينزع ثيابه ويخرج هاربا لايلوي على شيء فليسمني "بطاحة" يقول المثل الحساني "ما ايموت لعجل ولا تيبس التاديت"
أحسن معالمة مع الأطفال هي الترغيب والترهيب تلعب معهم أحيانا وتؤدبهم أحيانا أخرى
من مدونة عواطف الغزالي