
أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط ووزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الأسبق الدكتور ختار ولد الشيباني أن الثروة الاقتصادية الحقيقية لأي بلد لا تُقاس بما يملك من معادن أو نفط أو أراضٍ خصبة، بل بما يمتلك من قدرات بشرية مؤهلة ومكوَّنة قادرة على تحويل الإمكانات إلى إنتاج فعلي وقيمة مضافة.
وأوضح ولد الشيباني، في مقالة تحليلية، أن الموارد الطبيعية مهما كانت غنية تظل جامدة ما لم يُحسن الإنسان استغلالها بعقل علمي ويد خبيرة، مشيرًا إلى أن تجارب الأمم الناجحة أثبتت أن الاستثمار في الإنسان هو الرهان الحقيقي للتنمية المستدامة.
واستدل في هذا السياق بتجارب اليابان وكوريا الجنوبية، اللتين نهضتا – رغم محدودية مواردهما الطبيعية – بفضل التعليم والتكوين المهني، مضيفًا أن "الرهان على الإنسان لم يعد خيارًا تنمويًا، بل شرطًا وجوديًا لأي اقتصاد يريد أن يواكب إيقاع المعرفة والتكنولوجيا".
وأشار ولد الشيباني إلى أن موريتانيا تعيش مفارقة واضحة بين غنى مواردها الطبيعية وتواضع عائدها التنموي، موضحًا أن البلاد تمتلك ثروات معدنية وبحرية وزراعية ضخمة، لكنها لا تملك بعد الكتلة البشرية المؤهلة مهنيا وتقنيًا لاستثمار تلك الموارد بكفاءة.
وأضاف أن الاعتماد المفرط على الموارد بدل الإنسان جعل الثروة لا تتحول إلى تنمية مستدامة، لافتًا إلى أن النظام التعليمي ما زال ينتج "شهادات أكثر مما ينتج مهارات"، وأن التكوين المهني لم يتحول بعد إلى أداة فاعلة لتخريج الكفاءات التي يحتاجها سوق العمل.
وشدّد ولد الشيباني على ضرورة إعادة بناء العلاقة بين التعليم والعمل، وجعل التكوين المهني قاطرة للتشغيل والإنتاج، عبر إصلاح المناهج، وتوسيع مراكز التكوين، وربطها بالقطاع الصناعي والخاص، وتشجيع روح المبادرة وريادة الأعمال لدى الشباب.
وختم ولد الشيباني مقاله بالتأكيد على أن الاستثمار في الإنسان الموريتاني ليس ترفًا فكريًا ولا شعارًا تنمويًا، بل هو الشرط الأساس لبناء دولة منتجة قادرة على تحويل ثرواتها إلى رخاء حقيقي، مستشهدًا بقول الاقتصادي ثيودور شولتز: "رأس المال الحقيقي هو الإنسان، وكل استثمار لا يُوجَّه إليه يظل ناقصًا."