قمة شرم الشيخ للسلام..بين آمال التسوية ومخاوف الانتكاس

اثنين, 10/13/2025 - 22:11

 في يومٍ استحوذ على أنظار العالم نحو مصر، احتضنت مدينة شرم الشيخ قمة السلام التي وُصفت بأنها محطة مفصلية في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ تجمع بين طموحات كبيرة لإحلال السلام ومخاوف عميقة من عودة دوامة العنف في حال تعثّر المسار الدبلوماسي.

من الميدان إلى الطاولة: تحوّل الحرب إلى مبادرة سلام

تأتي القمة في أعقاب حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 واستمرت آثارها الكارثية إنسانيًا وعسكريًا حتى اليوم. وقد أعلن المشاركون في شرم الشيخ تبنّي المرحلة الأولى من خطة السلام الأمريكية التي طرحها الرئيس دونالد ترامب، وتشمل وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وتقديم المساعدات الإنسانية، ووضع ترتيبات مؤقتة لإدارة قطاع غزة.

وتتميّز قمة شرم الشيخ بكونها ليست مجرد لقاء لبحث التفاهمات، بل مبادرة دولية واسعة لتوحيد الإرادة السياسية نحو التهدئة، مما يجعلها اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الأطراف المعنية بما وُقّع عليه من تفاهمات.

حضور لافت وغياب مثير

شارك في القمة أكثر من عشرين زعيمًا ورئيس دولة، من أبرزهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى جانب وفد أمريكي رفيع المستوى.
غير أن غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأسباب "دينية"، وفق بيان مكتبه، أثار تساؤلات حول مدى شمولية القمة وقدرتها على إلزام جميع الأطراف، خاصة مع المشاركة غير المباشرة لحركة حماس عبر وسطاء.

أجندة القمة: بين الالتزامات والتحديات

تصدّرت جدول أعمال القمة ثلاث ملفات رئيسية:

تثبيت وقف إطلاق النار وتنفيذ تبادل الأسرى.

إعادة إعمار غزة ضمن إدارة انتقالية مؤقتة بإشراف دولي.

فتح المعابر وتوفير الحماية للمدنيين المتضررين من الحرب.

لكن القضايا العالقة – مثل سلاح الفصائل، وطبيعة إدارة غزة، وشرعية الحكم المحلي – ما تزال تمثل عقبات حقيقية أمام أي تسوية دائمة.

فرص النجاح: دعم دولي وضغط دبلوماسي

يرى مراقبون أن فرص نجاح القمة تعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية:

الضغط الدولي المشترك من الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر لدفع الأطراف نحو التنفيذ.

تأسيس آلية رقابة دولية محايدة تتابع الالتزام ببنود الاتفاق.

توافق فلسطيني داخلي يضمن تمرير التسوية دون صدام أو انقسام جديد.

مخاطر الفشل: الغياب، والشك، وتجارب الماضي

في المقابل، تلوح مخاوف عدة تهدّد بنسف جهود القمة، أبرزها غياب إسرائيل عن الطاولة، وتجاهل الملفات الجوهرية مثل القدس وحق العودة والدولة الفلسطينية، إلى جانب اهتزاز الثقة الشعبية والفصائلية نتيجة إخفاقات سابقة في مسارات السلام.

الختام: بين رمزية الحدث وجدّية التنفيذ

تمثل قمة شرم الشيخ للسلام فرصة حقيقية لإعادة صياغة مستقبل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكن نجاحها يظل مرهونًا بترجمة التعهدات إلى خطوات عملية. فإما أن تُسجَّل في التاريخ كمنعطف نحو الاستقرار، أو تتحوّل إلى محطة جديدة في سلسلة مؤتمرات السلام غير المكتملة.

ويبقى السؤال الأهم: هل تتحوّل شرم الشيخ إلى بداية عهدٍ من الفعل، أم تظل مجرّد إعلان حسن نوايا؟