
تشهد السودان، منذ أشهر، واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في العالم، وسط صمت دولي متزايد حيال الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها المدنيون على أيدي مليشيا الدعم السريع في مناطق عدة من البلاد.
وقالت تقارير ميدانية وحقوقية إن هذا الصمت تحول إلى تواطؤ غير معلن، بينما تتصاعد الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور والجزيرة وكردفان والنيل الأزرق، حيث تتكرر مشاهد الحرق والقتل والتهجير القسري، في ظل غياب العدالة وضعف الاستجابة الإنسانية الدولية.
وأكدت التقارير أن تشكيل مليشيا الدعم السريع لما يسمى "حكومة" في مناطق سيطرتها لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل يمثل محاولة لإضفاء شرعية على إدارة موازية واقتصاد غير قانوني، يكرّس حالة الفوضى ويقوّض أي مسار محتمل للسلام أو العدالة.
الفاشر.. مدينة تحت الحصار
وفي الفاشر، عاصمة شمال دارفور، تتجسد ملامح الكارثة بأوضح صورها، حيث تخضع المدينة منذ أسابيع لـحصار خانق تفرضه مليشيا الدعم السريع، يمنع وصول المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى أكثر من 1.5 مليون شخص، بينهم مئات الآلاف من النازحين.
وذكرت مصادر ميدانية أن القصف العشوائي والممنهج الذي يستهدف عمق المدينة أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين بشكل كبير، فيما تسببت الهجمات على المستشفيات والمرافق الصحية في تعطيل معظمها عن العمل أو تدميرها بالكامل، مما جعل آلاف الجرحى والمرضى دون علاج أو مأوى.
ويرى مراقبون أن غياب الموقف الدولي الحازم إزاء ما يحدث في السودان يمثل صفحة قاتمة في تاريخ المجتمع الدولي، حيث تتحول الإنسانية إلى الضحية الأولى لصراع يتجاوز حدود الجغرافيا السودانية، بينما تظل العدالة غائبة خلف أبواب مغلقة من التجاهل والصمت.

