كاتب موريتاني يدعو إلي حوار وطني شامل لمواجهة الفساد وإصلاح المنظومة السياسية

جمعة, 10/24/2025 - 20:35

 دعا الكاتب والمفكر الموريتاني محمد فال ولد سيدي ميله إلى إطلاق حوار وطني شامل يشارك فيه مختلف الفاعلين في الساحة السياسية والاجتماعية، من أجل مواجهة الفساد المتجذر في مؤسسات الدولة، وإعادة الأمل إلى الطبقتين المتوسطة والفقيرة اللتين اعتبرهما “الركيزة الأساسية لأي نهضة وطنية حقيقية”.

وقال ولد سيدي ميله، في مقال مطوّل، إن الفساد في موريتانيا ليس وليد نظام سياسي بعينه، بل هو ظاهرة تاريخية مترسخة منذ عهود "السيبة"، تعززت بفعل الاستعمار الفرنسي، وتطورت عبر الأنظمة اللاحقة، سواء في ظل حكم الحزب الواحد أو الأنظمة العسكرية المتعاقبة.

وسرد الكاتب نماذج من مظاهر الفساد التي عرفتها البلاد منذ القدم، مشيراً إلى أن الاستعمار الفرنسي “عاث في القيم ونشر الرشوة والوشاية مقابل حزم التبغ وورقات الفرنك”، وأن مراحل ما بعد الاستقلال لم تكن أوفر حظاً، حيث “تغلغل الفساد في مفاصل الدولة، حتى صار ثقافة متوارثة”.

وأكد ولد سيدي ميله أن الفساد في موريتانيا “عقلية متجذرة في مؤسسات السلطة وسدنتها من سياسيين وقضاة ومفتشين”، معتبراً أن القضاء عليه يتطلب إعادة هيكلة المنظومة برمتها، لأن محاربة الفساد من داخل المؤسسات القائمة “تشبه الدخول في مغارة مظلمة لا مخرج منها”.

وأشار الكاتب إلى أن الحل الوحيد يتمثل في حوار وطني حقيقي وجريء، يعيد الثقة للمواطنين ويضمن مشاركة الطبقات المهمشة في صناعة القرار، مشدداً على ضرورة أن يشمل هذا الحوار ملفات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وخصوصاً الاعتراف القانوني بالأحزاب المحظورة، ومعالجة قضايا الرق والتفاوتات العرقية، وتحقيق إصلاحات عقارية وقانونية تنهي إقطاعية القبائل وتكرّس قيم العدالة والمواطنة.

وختم ولد سيدي ميله مقاله بالتأكيد على أن “مستقبل البلاد مرهون بإحياء الأمل في الفقراء والطبقة المتوسطة”، داعياً إلى حوار يُنهي عقوداً من الظلم ويعيد اللحمة الوطنية على أساس المساواة والتصالح والعدالة الاجتماعية.