
أثار وزير الصحة محمد محمود ولد أعل محمود موجة واسعة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحاته القوية أمام الجمعية الوطنية التي شدد فيها على عدم أحقية التجار في ممارسة مهنة الصيدلة، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشراً على توجه جديد داخل القطاع الصحي.
وجاءت تصريحات الوزير خلال جلسة علنية عقدها البرلمان يوم الثلاثاء لمناقشة مشروع القانون رقم 25 – 037 المعدِّل للقانون 2010 – 022 المتعلق بالصيدلة، والذي تمت المصادقة عليه في ختام الجلسة.
وشكلت مداخلة الوزير مادة دسمة للنقاش العام، حيث انقسمت ردود الفعل بين مؤيد يرى فيها بداية إصلاح جاد للقطاع، ومعارض يعتبرها مجرد خطاب حماسي لن يصمد أمام نفوذ لوبيات الأدوية.
وتظهر قراءة مئات التعليقات خلال الساعات الماضية أن الرأي العام الموريتاني يميل إلى تأييد موقف الوزير، إذ يعبر كثير من المواطنين عن فقدان الثقة في فعالية الأدوية المتوفرة، ويرون أن القطاع تحول إلى مجال للربح السريع على حساب صحة المواطن.
غير أن مطلعين على كواليس المشهد الصحي يؤكدون أن الصراعات القديمة بين موردي الأدوية لا تزال تلقي بظلالها على القطاع، وأن الوزير الجديد دخل ساحة معقدة تتقاطع فيها المصالح والنفوذ، ما يجعل الإصلاح مهمة شاقة تتطلب أكثر من مجرد مواقف جريئة.
ويُعد محمد محمود ولد أعل محمود من أبرز الأسماء الصاعدة في الإدارة الصحية، حيث تدرج من طبيب ميداني في نواذيبو إلى مدير جهوي للصحة في كوركول، ثم مدير لمكافحة الأمراض خلال جائحة كوفيد-19، قبل أن يتولى إدارة الصحة العمومية لخمس سنوات، فـمستشاراً لوزير الصحة، وصولاً إلى حقيبة الوزارة في سبتمبر 2025.
ويرى مراقبون أن الوزير الجديد يجمع بين الخبرة المهنية والعلاقات الواسعة، لكنه يواجه تحديات صعبة داخل قطاع يوصف بأنه "منجم من الملفات الحساسة واللوبيات القوية".
ويبقى السؤال المطروح – وفق المراقبين – ما إذا كان ولد أعل محمود سيتمكن من الصمود أمام مراكز النفوذ في القطاع الصحي، أم أن الموجة الأولى من الجدل ستكون بداية اختبار حقيقي لقدرته على الاستمرار والإصلاح في واحدة من أكثر الوزارات تعقيداً في المشهد الحكومي الموريتاني.

