
تُعد القدس أكبر مدن فلسطين التاريخية من حيث المساحة وعدد السكان، وأكثرها أهمية دينية واقتصادية، إذ ينظر إليها الفلسطينيون على أنها عاصمة دولتهم المنشودة، بينما يعتبرها الإسرائيليون عاصمتهم "الموحدة والأبدية"، في مشهد يلخص تعقيدات الصراع المستمر منذ عقود.
تقع القدس في وسط فلسطين، على بعد نحو 60 كيلومترًا شرق البحر المتوسط، و35 كيلومترًا غرب البحر الميت، كما تبعد 88 كيلومترًا عن العاصمة الأردنية عمّان، وتحتل موقعًا استراتيجيًا جعلها عبر التاريخ نقطة التقاء حضارات وصراع قوى.
وبحسب التعداد السكاني لعام 2011، بلغ عدد سكان المدينة نحو 839 ألف نسمة، في حين تشهد القدس حربًا ديمغرافية صامتة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يسعى كل طرف فيها إلى ترسيخ وجوده العددي داخل المدينة. وتشير الإحصاءات إلى أن اليهود يشكلون قرابة 64% من السكان، بينما يشكل العرب المسلمون نحو 32%، والمسيحيون 2%، مع تزايد تدريجي في نسبة العرب نتيجة ارتفاع معدلات الولادة وهجرة بعض اليهود إلى مدن أخرى.
ويرجع تاريخ القدس إلى أكثر من خمسة آلاف عام، ما يجعلها واحدة من أقدم مدن العالم. وقد حملت عبر العصور أسماء متعددة تعكس عمقها الحضاري، فسماها الكنعانيون "أورساليم" أي مدينة السلام، ومن هذه التسمية اشتقت كلمة "أورشليم" العبرية التي تعني البيت المقدس.
تعاقبت على المدينة حضارات متعددة، فخضعت في بداياتها للنفوذ الفرعوني المصري، ثم للحكم اليهودي في عهد النبي داود الذي جعلها عاصمته وسماها مدينة داود، قبل أن يواصل ابنه سليمان بناءها وتعزيز مكانتها الدينية والسياسية.
اليوم، لا تزال القدس محور الصراع الأبرز في الشرق الأوسط، ومركز الجدل الديني والسياسي في العالم، فهي مدينة السلام المفقود التي تسكنها ذاكرة التاريخ وأوجاع الحاضر، وتظلّ رمزًا لصمود الفلسطينيين وإصرارهم على التمسك بحقهم في المدينة التي تجمع بين السماء والأرض.

