
على الرغم من اكتمال أعمال ميناء إنجاكو منذ نحو عامين إلى ثلاثة أعوام، إلا أن الميناء لا يزال غير قابل للتشغيل، ما يعكس تحديات جمة مرتبطة بنقص البنية التحتية اللوجستية الحيوية. هذا الواقع أثار انتقادات محلية على رأسها عمدة بلدية إنجاكو، بيجل ولد هميد، الذي أشار إلى غياب ضروريات مثل المياه، الكهرباء، والطرق، واصفاً الوضع بـ«وصف القرية أمام الحصان» في إشارة إلى سوء التخطيط ونقص التنسيق في تنفيذ المشروع.
وفي تدوينة حملت عنوان "رأي منتخب محلي"، انتقد ولد هميد عدم الترشيد في إنفاق الموارد المخصصة للبنية التحتية، مؤكداً أن الإنفاق تم بشكل غير منطقي، مما أثر على كفاءة المشروع واستدامته. وأوضح أن اختيار مسار الطريق المؤدي إلى الميناء لم يكن الأمثل، إذ يمر عبر مناطق طينية تتطلب موارد إضافية وصيانة مستمرة، ما رفع التكلفة بشكل مبالغ فيه. رغم أن الطريق كان من المفترض أن يُنجز خلال 6 أشهر، ظل المشروع معلقاً ومتنقلاً بين التأجيلات على مدى خمس إلى ست سنوات دون تحقيق تقدم ملموس.
أما في ما يتعلق بتوفير المياه، فقد انتقد العمدة اعتماد الحكومة على إنشاء محطة لتحلية مياه البحر بتكلفة مالية مرتفعة تصل إلى 500 مليون أوقية قديمة، في حين أن موقع الميناء قريب جداً من مصب نهر السنغال الذي يمكن تزويد الميناء بمياه عذبة منه بتكلفة لا تتجاوز 20 مليون أوقية، مما يشير إلى تبديد واضح للموارد.
تأتي هذه الانتقادات في وقت تعتزم فيه الحكومة رفع ميزانية وزارة الصيد والبنى التحتية إلى 25 مليار أوقية قديمة، وهو ما يثير تساؤلات حول حجم الفساد وإدارة الموارد المالية في القطاع الذي يُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.
ويُظهر هذا الواقع تخبطاً في استراتيجيات التخطيط والتنفيذ التي يُفترض أن تسبق أو ترافق مشاريع بهذا الحجم، حيث يجب أن تكون البنية التحتية اللوجستية جاهزة أو على الأقل في مراحل متقدمة قبل الانتهاء من المنشآت الأساسية. كما يعكس غياب إشراف فعّال على الصرف المالي وغياب الشفافية ما يزيد من المخاوف حول وجود فساد أو سوء إدارة في بعض المشاريع الحكومية.
بالتالي، فإن هذه المعطيات تدعو إلى ضرورة مراجعة شاملة لسياسات التخطيط والتنفيذ المالي في قطاع الصيد والبنى التحتية، وضمان مشاركة فعالة للمجتمعات المحلية في متابعة المشاريع ضمن إطار من الشفافية والمساءلة. كما تستدعي مراجعة الكيفية التي تُدار بها الموارد المالية والتقنية لضمان استغلالها الأمثل في خدمة التنمية المستدامة، خاصة وأن قطاع الصيد من القطاعات الحيوية التي يمكن أن تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل واسعة.
في الختام، يبقى ميناء إنجاكو نموذجاً على التحديات التي تواجه المشاريع التنموية الكبرى في موريتانيا، ويشكل دعوة ملحة للسلطات المركزية والمحلية للعمل على تجاوزها عبر اعتماد آليات شفافة وتشاركية تضمن فعالية الإنجاز وجودة النتائج.

