اختتم المؤتمر الثالث لنقابة الصحفيين انتخابات تجديد هيكلة النقابة حيث تم انتخاب النقيب ومكتبه، في جو من الحيوية والحبور يحسد عليه المنظمون - رغم ما كان من خلافات ذابت مع فرز النتائج والإعلان عن اسم المرشح الفائر محمد سالم ولد الداه الذي كان على رأس لائحة الإصلاح- وتبادل الجميع التهانئ بحرارة وعناق أخوي ودي متجاوزين بذلك مرحلة المنافسة وما رافقها من الدعاية التي لم تخلو من التشنج والعصبية أحيانا، الأمر الذي رفع الحرارة في الدم للبعض و"الحموضة "في المعدة لبعض آخر.ومع ذلك لم تسجل ملاحظات من العيار الثقيل باستثناء بعض الأعمال التي كانت- ربما عن غير قصد- نتجت بفعل الفرحة بالانتصار تسببت في تكسير بعض المستزمات – كراسي وطاولات- تابعة لقصر المؤتمرات الذي انعقد فيه المؤتمر، وبعض الملاسنات على هامش الاقتراع بين من يعتقدون أن الانتخابات فتنة وهجر وخلاف ..بدل من معناها الذي يحيل إلى أنها أسلوب ومنهج حضري يجنح إلى التناوب السلمي من خلال وعي راقي يعكس في جوهره مدى تأثير المتنافسين بالأخلاق المدنية العالية على حساب الأساليب الهمجية المذمومة في عالم يتطلع للوصول إلى القمر.
قاد النقيب المنصرف نقابة الصحفيين في فترة – كانت صعبة- لما كان فيها من أحداث داخلية وخارجية عاشها البلد على جميع الأصعدة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وكانت لهذه الأحداث انعكاساتها على الصحافة خاصة المستقلة منها. فرغم الشعارات التي نادى بها النظام من عزمه على ترقية القطاع وبث روح النشاط في عروقه بواسطة الدعم وفتح المجال أمامه للحصول على المعلومة وتنقيته من شوائب المتطفلين الذين يتغذوا على حساب أجنحة خفية تسيطر على قرارات القيادة في القصر، وترى أن في إصلاح الحقل الصحفي خطر يهدد وجودها..هذه الأوضاع جعلت القطاع يراوح مكانه بين تعهدات شفهية يلوح بها الرئيس في مهرجاناته ولقاءاته الصحفية في مناسبة وغير مناسبة، هذا استثنينا الحرية ودعم الصحافة الذين خلق منهما النظام هالة لجم بها الأصوات وعصا يضغط بها على رقابهم كل ما وجد لذلك فرصة. بينما لم تتجاوز الحرية مفهوم الكلمة إلى واقع الفعل، ولم يغلب الدعم على حاجة المؤسسات المستقلة بسبب استئثار المؤسسات التلفزيونية والإذاعية الخاصة بنافذين مقربين من النظام بنصيب الأسد، فيما لم تحصل مؤسسات حرة إلا على نزر لا يسمن ولا يغني وغالبيتهم تم إقصاءه.
قام النقيب المنتهية ولايته بعمل يتناسب مع طاقته ومجاله الذي لا يتجاوز حدودا ضيقة رسمها مساعدوه من المؤسسات الرسمية حيث كان مقيدا بسبب فضل مدراء هذه المؤسسات وعمالها الذين كانوا وراء وجوده نقيبا ومن خلفهم من النافذين .فكان وجود النقيب المنصرف في هذه الدوامة مبررا عن ابتعاده عن الصحافة المستقلة ورميه جانبا بعلاقته من خارج الزمرة التي تحيط به، وتهمين على كل وارد وصادر وشارد في النقابة من تكوينات وندوات ..إلخ.
وحتى لا نفقد الأمل .. سننتظر من النقيب الفائز ومكتبه الجديد أن يرفع من معنويات الصحفي ويتحرر من سلطة أجنحة القصر التي تهمين من وراء الكواليس ويتوجه نحو الأفضل بالنقابة التي تحتاج إلى تنفيذ شعار الإصلاح الذي رفعه في المنافسة.