قبل عقدين ونصف قدمت رفقة والدها من ريف إحدى ولايات موريتانيا الشرقية، بعد أن فقدت والدتها اثر اصابتها بمرض غامض عاشت به سنوات حياتها الأخيرة، لم ينجح الأطباء التقليديين ولا الراقصون. في الكشف عنه، رغم الفترة الطويلة التي قضتها تتنقل بينهم، يحدوها أمل الشفاء الذي كان كل منهم يعدها به٠
نفد كل ماكان لدى والدها من المواشي في الأطباء التقليديين ، الراقين والعرافين، ولم يعد بامكانه الإقامة في الريف بعد نفاد مواشيه، وقرر الانتقال الى المدينة حيث نزل في طرف أحياء الانتظار في كوخ من الخشب اتخذ منه مأوا وابنته أسماء٠
ومع الزمن كبرت أسماء وضعف والدها الذي نال منه الربو ووجع العظام وأخذ حجمه الذي كان كبيرا يتناقص ويذوي كما تذوي ورقة التوت٠٠ ولم يعد بإمكان المسكين الذي أقصده المرض الحركة في طلب العيش، واضطرت البنت أسماء الزهرة التي لم تتجاوز سنها الثامنة أن تدور بالمنازل طلبا للعمل لتحصل علي ما يسد حاجتها ووالدها الذي يحتاج الى توفير بعض الأدوية الدائمة، فكانت فراشة تدور بنشاط وحيوية بين البيوت تغسل الأواني تارة والملابس تارة أخرى، وتساعدتارة في خدمة المطبخ، ومن عملها هذا تحصل على وجبة ومبلغ زهيد تجمعه فتشترى منه في آخر الشهر حاجة وأدها وماتحتاجه لنفسها، ومع الوقت تعرفت الفتاة التي بدأت تكبر وتنظر اليها عيون الشباب في الحي كماتنظر للتفاح الشهية، وكان والد الفتاة المسكين الذي أقعده المرض عن الحركة حريصا على ابنته بحيث يقدم لها النصائح تلو الأخرى بتجنب الأماكن الخالية والتأخر في مشاويرها، كما كانت الفتاة تحرص على أن تمتثل لنصائح والدها بعناية٠٠