ربّما يكون العالم المصري الشّهير أحمد زويل الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء قد لخّص الفارق بيننا وبين الغرب في جملته الشّهيرة "الغرب ليس عباقرة ونحن لسنا أغبياء. هم فقط يدعمون الفاشل حتّى ينجح، ونحن نحارب النّاجح حتّى يفشل!" فاتيما أوسماني أو بالعربيّة فاطمة عثمان المرأة ذي الأصول الموريتانيّة ووالدة لاعب كرة القدم الشّهير عثمان ديمبلي نجم برشلونة الأسباني والمنتخب الفرنسي.
عندما بلغ ديمبلي السّابعة من عمره انفصلت فاطمة أمّه عن والده المالي الأصل وانتقلوا للعيش مع أخيه وأختيه الصّغار إلى بلدة صغيرة تدعى أفرو شمال باريس لتتحمّل فاطمة وحدها مسؤولية تربية أربعة أطفال صغار في ظلّ غربة وظروف صعبة ولكنّها قبلت التحدي.
في تقرير صحفي للصّحفي الألمانيّ جين ميخائيل يقول إنّ فاطمة تدير ابنها منذ بداية مسيرته فتحدّد له اتجاهاته، إنها مرساه وملهمته ومحفزته.
اللّاعب الذي يطلق عليه السّكين نسبة لطريقة مراوغته مع لاعبي الخصم الّتي تشبه طعنات السكين كان يخفض رأسه عند استماعه لنصائح والدته هكذا قال أحد مدرّبيه في مرحلة النّاشئين. لا أحد يعلم مقدار ما واجهته فاطمة وحدها في مجتمع ثقافته غريبة عنها وفي ظل تغيرات عالميّة وتوجس في فرنسا بالأخص من المهاجرين ذي الأصول العربيّة نتيجة وقوع الكثير من العمليات الإرهابية في فرنسا في الفترة الأخيرة تورط فيها قلة ضالة من هؤلاء المهاجرين.
لكن رغم ذلك نجحت فاطمة في المحافظة علي ديمبلي حتى أنّها كانت تمنعه من الخروج من المنزل إلّا إلى المدرسة أو ملعب الكرة حتّى لا يشترك في أعمال الشّغب الّتي يقوم بها بعض الصّبية الصّغار في منطقته.
نجحت فاطمة في إخراج موهبة ديمبلي إلى العالم لأنها كانت في النهاية في دولة يحكمها القانون وليس القبليّة والعادات والتّقاليد. دولة دعمتها ودعمت ابنها لينالا حظوظهم الطّبيعية في الحياة دون عوائق بشريّة!
فماذا لو ظلّت والدة ديمبلي في موريتانيا ؟! وماذا لو صارت مطلّقة وهي هنا؟! هل كان سيسمح لها المجتمع العمل بحرّية ؟! هل كان سيسمح لها بتربية ابنها كما تشاء ؟! هل سيسمح لديمبلي نفسه في أخذ فرصته الطبيعية لابراز موهبته ؟! أم كانت لتكون فريسة وعليها أن تكون حذرة في كلّ شئ كونها أمرأة وكونها مطلّقة! ألا يوجد في موريتانيا والوطن العربي عشرات بل مئات في موهبة عثمان ديمبلي في شتّى المجالات؟ بالطّبع لا، ولكنّهم اختفوا جميعاً في ظروف غامضة!
عندما تحتكر الأوطان حفنة لصوص، ينهبون خيراته تاركين شعوبه في صراع من أجل البقاء والمأكل والمشرب فقط ! خانقين أحلامهم قاتلين مواهبهم فلا عجب أن لا يظهر ديمبلي الموريتاني إلّا في فرنسا فهو ليس سوي صورة مصغرة للمواطن العربي لو فك قيده!