عاش الموريتانيون عمرا مديدا من الغربة في مختلف الأقطار الافريقية وغيرها من القارات رابطتهم خلالها علاقات تجارية وثقافية وعلمية مع شعوب البلدان التي تغربوافيها، أسست لروابط مجيدة من الحب والود والتآلف والتراحم، كماربطتهم بالآخر ثقة غير محدودة، وبذلك رسموا صورة ناصعة للشنقيطي الموريتاني الصحراوي وزاهية عن البلد، فكان كل مغترب ممثل دبلوماسي عن بلده لما يجمع من خصال أجمع الجميع أنها كانت نادرة، من أهمها الصدق والأمانة٠
وقد اكتسب المغترب الموريتاني من خلال هذه الثقة ضمانا لدى التجار والموردين في البلدان التي يعيشون فيها، فأتمنوهم على أموالهم، حتى أن الواحد يكفيه لتوقيع شيكا ابيضا مفتوحا أن يعرف أن الذي يتعامل معه موريتاني لإدراكه بمدى أمانته وصدقه في المعاملة، ولذلك كانت ثقة التجار الأجانب عمياء لاحدود لها معهم٠
وعض السلف على هذه الثقة بالنواجذ في دولة غامبيا، بل بذل كل ما بوسعه أن تتوسع وتتعمق، حتى بدأت تتأرجح تحت ضربات الجيل الجديد الذي جاء بعد التسعينيات، فتسببت تلك الضربات التي تمثلت في عمليات احتيال واسعة بعشرات ملايين الدولارات، فأدى تخلى عناصر أعماهم حب المال والبحث عن الثراء الى أزمة ازدرد غيرهم من المغتربين في غامبيا لظاهاسعيرا٠
وحتى لا تشوه صورة المغتربين وتخفي الصورة الناصعة للبلد اعتبر المجتمع الموريتاني منفذوها مثل هذه الأعمال - محتالين منحرفين - لصوصا خرجوا عن المألوف وانحرفوا عن جادة الطريق الذي كان عليه السلف، وحاول رأب الصدع وتجبير ما انكسر من خلال تحمل الخسائر والتعويض للضحايا من التجار والموردين الذين استهدفتهم عمليات النصب والاحتيال٠
لكن الإفراط في الثقة ازداد اكثر وبشناعة اكبر خاصة في الفترات الأخيرة في البلد الغامبي عندما استهدف أشخاص موريتانيين موردين أجانب من( العرب) وغيرهم، حيث استغلوا ثقتهم واحتالوا عليهم بتحويل مطالب تقدر بأموال طائلة عبر وكالات الى موريتانيا، وبذلك فتحوا أجيج أزمة ثقة مع الموردين والأجانب والحكومة الغامبية ، الضحية فيها عشرات المغتربين الذين تعيش على أكتافهم عشرات الأسر في البلد،وهم من يتكبدوا الخسائر التي ستنتج عن هذه الأزمة التي تتجاهلها الدولة..!
ملامح صورة قاتمة بين غامبيا وموريتانيا٠٠ من جراء أزمة الثقة٠٠!؟
هروب الموريتانيين بعد تنفيذهم عمليات النصب والاحتيال على الموردين في غامبيا الى البلد واحتمائهم فيه، ربما ينذر بأزمة دبلوماسية بين البلدين بدأت ملامحها في الأفق، خاصة بعد رفع الموردين بتظلماتهم الى الرئيس الغامبي لمتابعة المحتالين٠٠ واعتبار الموردين عدم مشاركة الدبلوماسية الموريتانية في حل الموضوع بمتابعة المحتالين٠٠بل يُتهم الموردون البلد الموريتاني بالتمالئ مع المحتالين٠٠كماأن عدم عمل الحكومة- حسب مصادر -من غامبيا - على تسليم المحتالين ستفهمه الحكومة الغامبية على أنه أمر مدبر بالتعاون بين المحتالين والحكومة الموريتانية٠٠ خاصة بعد رفع مواطنون غامبيون معلومات الى اعلى السلطة في غامبيا عن رفض القضاء الموريتاني تحريك دعوى ضد أحد المحتالين هرب الى موريتانيا وتابعوه الى أن كشفوا عن مكانه وتقدموا بشكوى ضده وتم القبض عليه من قبل الأمن وقدمه للعدالة، لكن العدالة رفضت تحريك الدعوى وأخلت سبيله بدعوى أن لا وجه للمتابعة٠
وربما ستزيد عملية النصب والاحتيال التي كان وراءها موريتاني آخر لجأ قبل أسابيع الى موريتانيا من فتيل الأزمة وتوتر العلاقة بين الموردين في غامبيا والموريتانيين، الذي ضاقوا ذرعا بتحمل الخسائر التي لا ناقة لهم فيها والجمل، وإنما للمحافظة على وجود يُؤْمِن لهم كسب العيش٠
السؤال المطروح الذي يبحث عن جواب٠٠ هل ستظل الحكومة الموريتانية صامتة، ومتجاهلة، لهذه الأزمة التي قد يتسبب السكوت عنها في انفجار أزمة دبلوماسية، بعد أن فقد الموريتانيون كل الثقة لدى الموردين والحكومة الغامبية٠٠؟!