بين أروقة ديوان المخدرات
كان يوما ساخنا فدرجة الحرارة تزيد على أربعين درجة بالعاصمة انواكشوط٠٠ وقصر العدل بولاية انواكشوط الغربية يغص بالزوار، البعض جاء يآزر أخ أو أبن له في قاعة المحاكمة، ومنهم من جاء يرافق قريبا له من مفوضية الشرطة للمثول أمام النيابة٠
لا حديث غير الحديث عن الجرائم ٠٠ فهذه جماعة من رجال ونساء انحرفت في ركن من القصر في انتظار محاكمة أو صدور أحكام غارقة في حديث طويل عن أعمال عنف شارك فيها ابناءهم عن وعي منهم أوغير وعي رفقة شبكة كبيرة معروفة لدى دوائر الشرطة٠٠ ينتظرون ما سيصدر به القاضي من نتيجة٠٠٠ وآخرون ينتظرون برمجة أينائهم للمحاكمة في إحدى المحاكم٠٠وبين هذا وذاك يدخل افراد من الشرطة يقودون عناصر مصفدين بالقيود الى النيابة ، أو يخرج آخرين من النيابة الى الدواوين .
في جناح القاضي الملف بالمخدرات الأصقاع بالجناح الملف بالإرهاب جلس جمع بينهم جماعات من أصحاب السوابق في تجارة المخدرات وأخرين حديثي عهد بها الكل مصفد في العويِّد ينتظر دوره للدخول على القاضي، رفقة عناصر الشرطة الذين يرافقون المتهمين٠
قاضي يلهث الجميع بالثناء عليه
الغريب في الموضوع أن المتهمين الذين يجزمون بأن القاضي سيحيله الى إلسجن بآلتهم المتلبسين بها أو المتهمين فيها كانوا يكنون للقاضي الكثير من المواد والاحترام والتقدير ، ويثنون عليه أكثر من ثناء الشخص الى ولي النعمة عليه٠٠ وهذا التقديرالكبير الذي كان يلهج به المجرمون قادني لأن أعرف السر وراء ذلك٠٠ فقررت الانتظار حتى أن التقي بالقاضي ٠٠ وأثناء انتظاري على باب القاضي الإذن بالدخول حضرت سيدة يبدو من الإرهاق المرسوم على وجهها انها قادمة من بعيد، ومع الإرهاق الذي يخيم على وجهها فرحت فرحة شديدة عند ما أخبرها أحد الحاضرين أن القاضي في مكتبه وأطلقت العنان في الثناء عليه وتمجيدا، مع أن السيدة لديها ابن سجين بتهمة حيازة المخدرات، وزارت القاضي في موضوع ابنها فاستقبلها بحفاوة وسرور واستمع لحديثها بارتياح وسعة صدر من غير أن يتضايق ٠٠ وعبر لها عن أسفه ووعدها بفعل ما يمكن فعله من أجله ٠٠ ليست هذه السيدة وحدها التي ولجت باب القضي وخرجت من عنده مرتاحة مسرورة ولسانها يلهج بالثناء على أخلاقه وحسن معاملته لزواره٠
من قصص الوافدين٠٠
كان من بين الوافدين اليه من مكتب مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية شابين أحدهما ترافقه والدته وقريب لها اصرت على ان يذهب معها للتدخل في موضوع ابنها كان قريب السيدة محرجا أمام الوضعية التي وضعته فيها والدة الشاب المتهم بحيازة المخدرات٠٠ فقد كان مرغما على الدخول على القاضي - بفعل اصرار قريبته والدة الشاب المتهم- وكسر حاجز الحرج ودخل على القاضي الذي بهره بأخلاقه العالية التي استقبله بها فلم يكن من الأستاذ الذي جلس بين يدي القاضي مكسور الجناح من الخجل ٠٠ ولكن أخلاق القاضي العالية جعلته يستعيد جأشه ويفتتح القاضي في أمر ابن قريبته ٠٠ فماكان من القاضي الا أن كشف عن تواضع زائد وأخلاق نبيلة في وجهه وهو يطمئنه على أنه لن يكسرخاطره وسيبذل كل ما بوسعه من أجل أن لا يخالف القانون ويبحث عن تسوية للموضوع٠٠٠ وفعلا كان الذي وعده به ٠