الحوادث- كان ذلك يوم الخميس الحادي عشر من شهر يونيو من السنة الجارية 2019..الأجواء في مقاطعة كيهيدي حارة إلى درجة جعلت الإداريين يحتمون في مكاتبهم بسبب وجود التكييف فيها.. فيما كانت توجد حركة خفيفة في شارع السوق المركزي، وأخرى شبه متقطعة في الشوارع التي تحيط بالسوق والمؤدية إليه من جميع الجوانب،حتى مباني الولاية في المرتفع تبدو خالية إلا من شخص أو إثنين يبحثون عن تصديق نسخ من وثيقة الجنسية،وفي الأسفل من المرتفع الذي تنتصب فيه الولاية شجرة يجلس في ظلها مواطن يبدو أنه مألوف لدى العامة في ذلك المكان وتحت تلك الشجرة بالذات.
تحت المرتفع ينحني الشارع القادم من ملتقى (كيهيدي )نحو السوق مرورا بالإدارة الجهوية لأمن الولاية،وجنوبا ليمر من أمام البلدية.
في الجو الحار وقفت على الملتقى في انتظار سيارة أجرة حائرا في صورة مبنى الولاية التي كانت والى عهد ولد اخليل تجسد أحد الأثار التي تركها الإستعمار في المدينة وما جرى عليها من تغييرات طمست الكثير من المعالم التي تميزها عن غيرها من المباني.
توقفت سيارة مرسدس 190 على مقربة منى طلبت من سائقها نقلي الى مقر محكمة الولاية أجاب بسرعة انه يريد مقابل ذلك مبلغ 20 أوقية جديدة، كنت سأعرض عن الركوب معه لكثرة ماطلبه مني..لكن لهب حرارة الشمس دفعني لقبول الطلب.. ركبت في المقعد الأمي إلى جانب السائق وفي طني أن المكان قريب وان السائق استغل فرصة جهلى للمنطقة وطن من خلال الشكل الذي ابدو فيه -البدلة التي ارتدي والحقيبة التي أحمل- أني من أصحاب المال.
كان معي في السيارة سيدة في المقاعد الخلفية والجو داخل السيارة يخلفه الصمت .. وسارت السيارة مسافة طويلة اجتازت فيها طرقا ومنتحنيات ملتوية بين أحياء عشوائية متناثرة إلى أن وصلنا طريق مدرج المطار، وأنتابني الخوف من أن يكون السائق قد ضل الطريق أو يضمر في نفسه شر، فقد لاحظت أنه خرج المدينة.. وفعلا كان السائق قد خرج المدينة فالاحياء التي فيها مكاتب المحكمة نائية عن المدينة ويطلق عليها أحياء (بغداد )شمال شرق المدينة،وهي أحياء لاتزال عشوائية غير مؤهلة رغم كثرة سكانها، تفصلها عن المدينة مسافة طويلة مما خلق صعوبة في التنقل.
نزلت من السيارة وأنا أحمد الله على اني لم أختلف مع السائق، أمام بناية من طابقين في مساحة شاسعة يدور بها حانط في جانب الحائط الشرقي موقف للسيارات بينما في الجانب الغربي مرافق عمومية،وعلى الباب بيت للحراسة.
على باب مدخل خارج الحائط عريش تستظل فيه سيدة تبيع اشياء مختلفة منها اطعمة(صاندويش )مياه باردة ..وعلى باب البناية يجلس مواطنون،بعضهم جاء لغرض حل مشاكل عالقة في المحكمة يتابعها منذ فترة طويلة حسب قوله. والبعض وهو الغالب جاء ليحضر محاكمة أقارب له متهمين في أحداث شغب وحرق مباني بلدية لكصيبة.
في داخل الطابق الأرضي من البناية كانت الممرات تغص بالزوار، ومكاتب الكتاب شاغرة،فيما كانت القاعة المخصصة للجلسات في ركن البناية الجنوب الشرقي تغص هي الأخرى بالحضور،حيث جلس البعضعلى مقاعد مثبتة على الأرض من الأسمنت،فيما جلست هيئة المحكمة على مرتفع وإلى جانب الهيئة جلس كاتب الضبط،وفي الجانب الآخر جلس ممثل الدفاع، بينما جلس محاموا المتهمين في مكان بين الجمهور وهيئة المحكمة وفي المقابل معهم جلست المترجمة بينما وقف المتهمون في قفص في منطقة بين مكتب محامون الدفاع ومكتب المترجمة.
كان حجم القاعة8 متر طولا و5متر في العرض وبها مكيفين أحدهما جداري موجه للجمهور والأخر متنقل خاص بهيئة المحكمة.. ورغم ما وفر من مقاعد إضافة إلى المقاعد الثابتة لم تستطع القاعة استيعاب الجمهور الكبير الذي حضر .
ومع ماكان من تعاط مرن بين هيئة المحكمة مع القضايا المطروحة بالهدوء ورد المحامي وانتقادات ذوي المتهمين للمترجمة، وتفاعل القاضي مع الملف جعل القاعة تعيش حالة من الهدوء رغم الصخب المدوي في نفوس الجمهور، والثورة التي تتفاعل في الداخل....يتواصل