في مجتمع متناقض في ذاته بين البقاء على ماكان عليه من عادات وتقاليد وتحولآت الحداثة وماتفرضه على المجتمع من منتج يتناقض مع الأعراف والتقاليد المعمول بها في مجتمع مايزال حبيس ثقافة الخيمة المفتوحة ومتطلبات البداوة.
هذا التناقض الذي يعيشه المجتمع الموريتاني عقد الحياة وجعلها بالنسبة للشباب المبتدئين جحيما لاتطاق،خاصة إذا كأنت الحاجة إلى تأسيس بيت غالية وتكلف الكثير من المصاريف المادية في ظروف حياة لاتسمح بالعيش الكريم بسبب ارتفاع نسبة البطالة وغلاء المعيسة.
فإكراهات التنافش الطبقي في المجتمع ترغم الشاب القادم على الزواج حتى وإن كانت يده لاتتسع ماديا علىفعل غيره من من سبقه خاصة في مناسبات الزواج ملزم بدفع ملايطيق مهرا كبيرا مع الأكراميات والمتعلقآت الأخرى التي قد تضاعف المهر النقدي مرات عديدة،هذا فضلا عن تبعات خروج الاسبوع والنفقات التي ستصرف في ذلك مما يثقل كاهل العريس بالديون أو كاهل أسرته.
نفس الإكراهات التي يفرضها المجتمع على العريس يمارسها على أسرة العروس فهي ملزمة بماهو فوق ذلك من مصاريف مضاعفة،مثل أن تصل بلإكراميات أسر العريس بما يعرف في الأبجديات العرفية ب(القص ) من أعلى شخص في شجرة العريس وحتى أدنى شخص، الأمر الذي كان وما يزال مشكلا ساهم في تعقيد الحياة خاصة مع لإضافة النوعية التي أصبحت تعرف بهدية الخطبة او"اسلام".
أحد الشباب من الذين بدأ حياته العملية حديثا اضطرته الظروف إلى تأسيس أسرة واستقر على فتاة اختارها لتكون شريكة حياته.. وقرر الزواج بها فأرسل لخطبتها من والديها،وفي اعتقاد الشاب أن الأخلاق والعادات لا تطلب منه غير أن يرسل والدته لطلب يد الفتاة من والدتها، وعلى ذلك الأساس تعرض والدة الفتاة الأمر على والدها وجميع الأسرة ليتشاوروا في موضوع القبول أو الرفض،وإذا قبلت الأسرة تحدد بالتشاور مع اسرته موعدا لعقد القرآن والزفاف.
لكن الشاب المبتدئ تفاجأ بوالدة الفتاة تعرض على أمه أن تسلم عليهم في دعوة ستقيمها الأسرة بالمناسبة،وهذا الحفل ستقدم فيه امه هدية منه للفتاة تتمثل في هاتف ذكي من أغلى المعروض في السوق،وفي هذه الدعوة يتم الاتفاق على موعد تاريخ الزفاف،وأشارت والدة الفتاة في حديثها مع والدته- الشاب- إلى أن عليه أن يراعي في المهر متطلبات الزفات خاصة الزفانه وأنها ستزف في قاعة للأفراح حتى يشيع بين الجميع انها تزوجت على غرار زواج بنات عمها اللواتي تزوجت قبلها.
كان وقع برنامج والدة الفتاة كبير وثقيل على قلب الشاب، فالشاب عمل حديثا في مؤسسة يتقاضى منها راتبا بسيطا يحاول من خلاله تيناء منزل يحضن فيه أسرته وزوجته،وليس بإمكانه توفير ما طلبته والد الفتاة التي تعلق بها واختارها لتكون زوجته،فالهاتف الذي طلبت هدية للخطبة يتجاوز ثمنه 20 ألفا من الأوقية الجديدة، وقاعات الأفراح يحتاجون إلى مصارف أكبر.و راتب الشاب أضعف من نصف ثمن الهاتف.
أثر تصميم أسرة الفتاة على قرارها الذي يتعارض مع مطالب الشاب وأسرته رغم تعلق الفتاة بالشاب وقبولها بزواج بسيط على مقاس ظروفه المادية، وأسس القرار لشرخ كبير بين الأسرتين ..كل ذلك بسبب الأكراهات التي وضعها المجتمع والتي هي اليوم العائق في عروسة آلاف الفتيات حتى تجاوزن سن الإنجاب. وجعل الشباب يبحثون عن البديل من الأجانب.