منذ ظهور جائحة كورونا كان زعماء العالم ورؤساءه بين خياريات صعبة أبرز هده الخيارات، هي المفاضلة بين الشعب والإقتصاد، وقد كان معظم زعماء العالم حريص على اقتصاد دولته ،يحسب الصغير والكبير من الربح غير مدرك تماما للخطر المحدق بسبب هوسه بالاقتصاد وتحقيق الأرباح، وفي هذه النقطة بالذات كانت موريتانيا مختلفة وكان رئيس الجمهورية محمد ولد السيخ الغزواني مدركا منذ اللحظة الاولي لخطر هذه الكارثة واختار شعبه وفضل الانحياز له أمام هذه المصيبة الحقيقية التي تجتاح العالم وتضربه بقوة وفي كل مفاصله الحساسة والقوية جدا، فهاهي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها من الدول الكبرى التي كنا نعتقد منذ أسابيع فقط أنها نموذج للقوة والمنعة ومحصنة من أي اعتداء نظرا لما ظنناه قوة مؤسسية و تطورا علميا ومعرفيا وحوكمة رشيدة، وهي أمور قد تكون موجدة بالفعل أو على الأصح هي كذالك في هذه الدول، إلا أن طبيعة الغازي الجديد ( فيروس كورونا) تخالف كل التوقعات وتحتاج قوة نوعية غير التي عهدناها من قبل.
وأول هذه القوة:
- القدرة على إدراك الخطرالدي يمثله هذا الفيروس وقدرته العجيبة علي التخفي .
- قدرة هذا الفيروس على الانتشار السريع بطرق مخيفة ومختلفة يصعب على الكثيرين التحفظ منها.
- سرعة المباغتة والمفاجأة التي تصيب الدولة والمجتمع بالإرباك والحيرة، الأمر يؤدي الذي يؤدي إلى شلل المؤسسات أو على الأقل الحد من فاعليتها .
وعلي الرغم من كل هذه الأمور وطبيعة هدا الفيروس فإن بلدنا لم يعد بعد بمنأى عن الخطر ،ونرجو له من الله السلامة ولغيره من البلدان، إلا أنه يمكن القول إن الوعي الذي اتسم به رئيس الجمهورية واستشعره بخطر هذا الفيروس ، استطاع أن يجنبنا العديد من المآسي نحمد الله على ذلك، فقد سارعت الحكومة منذ ظهور أول حالة إلى الاجتماع وتشكيل لجنة وزارية بقيادة الوزير الاول إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا ، الأمر الذي دفع بالأمور نحو الجدية وإعطاء مكافحة هذا الفيروس دفعا قويا تمثل في اتخاد عدة تدابير بعضها كان مؤلما لاقتصاد الدولة، لكن الحكومة اختارت الشعب وانحازت لصحته وهي مسألة تذكر فتشكر، وتوحي في دلالتها البعيدة إلى أن هذه الحكومة منحازة لشعبها ولا تساوم في سلامته وأمنه ومصلحته، وتلك رسالة بالغة الرمزية يحتاجها المواطن الذي انتخب هذه الحكومة وعول عليها في تغيير حياته نحو الأفضل وتحقيق حياة كريمة، وخلق تنمية مستديمة، وتقريب الإدارة من المواطنين، وبناء مؤسسات دستورية وديمقراطية وإدارية قادرة علي تطوير حياة المواطنين المدنية والسياسية والاقتصادية، في ظل جو من الأخوة والتعايش السلمي والانسجام المجتمعي، تحكمه المسؤولية الوطنية وإعلاء المبادئ وسلطة القانون والمصلحة العامة فوق كل الاعتبارات الضيقة والمصالح الشخصية.
وهي أمور لا يزال رئيس الجمهورية مند انتخابه يعطي الإشارة ويرسل التأكيدات على احترامه لها وعزمه علي تحقيقها، وقد كانت أزمة "كورونا" إحدى الاختبارات التي نجح رئيس الجمهورية والوزير الأول في اجتيازها حتي اللحظة وذلك بعدم استسهال هده الجائحة المؤلمة وإدراك خطرها المحدق، الامر يحتم اتخاذ التدابير والآليات اللازمة للتغلب عليها وتجنيب شعبنا بوائقها وأخطارها.
وتبدو الأمور حتي اللحظة ناجحة والتدابير ناجعة والحمد لله فحتى كتابة هده السطور لم تظهر في البلاد سوي 5 حالات فقط نتمنى لأصحابها الشفاء التام.
ويبقي المواطن الموريتاني هو صمام الامان في كل هده العملية فباستجابته للتعليمات الصادرة عن الجهات الصحية وبامتثاله للإجراءات التي اتخذتها الحكومة حتى اللحظة للحد من الحركة والتجمع يكون قد ساهم في نجاح هده العملية وجنب نفسه وحمي وطنه من حظر حقيقي لا مجال لاستسهال امره فهو أخطر وباء عالمي يقف العالم والقوي العظمي أمامه في حيرة من أمرهم منتظرين الفرج من السماء بتعبير رئيس الوزراء الايطالي.
د . محمد ولد بادي