10مايو...ذكرى خالدة في قلب الشعب الأذربجاني.. بقلم سعادة سفير جمهورية أذر بيجان لدى الجمهورية الإسلامية الموريتانية..السيد أو كتاي قربانوف

سبت, 05/09/2020 - 16:55

تمر اليوم الذكرى 97 لميلاد مؤسس دولة أذربيجان الحديثة المستقلة، السياسي المحنك، والزعيم القومي للشعب الأذربيجاني حيدر علييف.
لقد نصب الزعيم القومي حيدر علييف - وهو شخصية فريدة في تاريخ أذربيجان الحديث - تمثالا حيا ومهيبا له في قلب الشعب الأذربيجاني، حيث وضع الأسس الفكرية والسياسية لبناء دولة أذربيجان العصرية بجانب تحقيقه تاريخ الاستقلال الأبدي. ويعتبر مساره السياسي أكمل نموذج لخدمة أذربيجان.
ولد حيدر علي رضا أوغلو علييف في 10 أيار 1923 من عائلة عاملة في مدينة نخجيوان العريقة في أذربيجان التي تعتبر بحق الحاضنة التي أنجبت لأذربيجان العديد من الأدباء والمفكرين والمعماريين الذين أثروا التاريخ الأذربيجاني بقواعد العلم والمعرفة ومعطيات الحضارة، وقد تخرج من دار المعلمين الابتدائية عندما بلغ السادسة عشرة من عمره، وقدم إلى باكو والتحق بمعهد الصناعة الأذربيجاني ليصبح معماريا، لكن الحرب العالمية الثانية أبعدته عن المعهد لفترة زمنية من 1941 - 1964، وقد مثلت هذه الفترة مرحلة صعبة من حياته.
بعد سنوات الدراسة تخرج حيدر علييف من كلية التاريخ بجامعة أذربيجان الحكومية إلى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز أمن الدولة الأذربيجانية. بعدها تم تعيينه في منصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة في عام 1964. ومنذ عام 1967 شغل منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية أذربيجان. وقد منح رتبة لواء، فشكل ذلك حدثا تاريخيا لكافة أبناء الشعب الأذربيجاني، لأنه لم يسبق أن تم تعيين شخصية أذربيجانية في مثل هذا المنصب إبان حكم الاتحاد السوفياتي السابق.
وفي يوليو 1969 جرى انتخاب حيدر علييف سكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني، ومنذ تلك اللحظة أصبح قائدا لجمهورية أذربيجان بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة في ظل الحكم السوفياتي السابق، واستمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982، وهو بذلك يعتبر العقل المؤسس لتنمية أذربيجان في القرن العشرين، حيث وضع في 14 يوليو عام 1969، ذلك التاريخ الذي تولى فيه حيدر علييف السلطة السياسية ليصل الى تحولات عظيمة في حياة الشعب الأذربيجاني العظيم بالمعنى الحقيقي للتعبير، مع تنفيذه كل ما هو ضروري من أجل بناء دولة وطنية مستقلة.
إن أذربيجان التي كانت تعرف حتى عام 1969 كجمهورية زراعية في الاتحاد السوفيتي ، تحولت في ظرف وجيز الى بلد متطور صناعيا، حيث اشتهرت بتطبيق العلوم التقنية والفنية تطبيقا واسعا، اعتمادا على ثقافتها العالية وسط مختلف دول المعمورة. لذلك، فإن تحصيل الزعيم حيدر علييف على زمام السلطة في 14 يوليو عام 1969 في أذربيجان يوصف ببدء تاريخ استقلال البلد وطريقه نحو عالم التطور والحداثة.
كانت الحقبة الأولى من رئاسة الزعيم المؤسس في البلد هي حقبة بدء نهضة الإدراك الذاتي الوطني والعودة الى الجذور الأصلية في البلد. فجميع فعالياته كان يستند من خلالها الى فكرة النهضة الوطنية للشعب الأذربيجاني، وفي نفس الوقت لانتعاش مشاعر الاعتزاز القومي لدى مواطنيه. لقد قاوم الزعيم العظيم في تلك الحقبة جميع العوائق الفكرية السياسية ليتقدم بمفهوم التنمية الوطنية للشعب الأذربيجاني، حيث أزال الخوف الذي كان يسكن في الوعي الاجتماعي، وشجع المجتمع على النمو المعنوي والاقتصادي المستقبلي في جميع المجالات، ثم غرس في قلب كل مواطن من مواطني أذربيجان ثقة واسعة ومتكاملة في أن يتمتع الشعب بكامل حريته، معتبرا أنه، ومن أجل الحصول على الاستقلال التام، يجب وجود وتوفير قاعدة متينة وتنمية اقتصادية متكاملة، لذلك رسم الزعيم العام وأنشأ في قلب ووعي الشعب الأذربيجاني هذا التحول الثوري.
غرس حيدر علييف بخدماته الجليلة في قلب كل أذربيجاني فلسفة البناء والتشييد والإقامة من أجل تقوية صرح الوطن ولأجل أذربيجان وكذلك لأجل البلد الأم، حيث حول أذربيجان الى جمهورية متطورة صناعيا وزراعيا فترة 1969-1982 ليضع قاعدة قويمة ومتينة يشهد بها الجميع.
ولن ينسى الشعب الأذربيجاني أبدا انجازات زعيمه العظيم التي خلدها في مجال العمران وبناء المراكز الصناعية العملاقة الحديثة التي لا مثيل لها في دول الاتحاد السوفياتي السابق، بالاضافة الى افتتاح المراكز العلمية والثقافية وإنشاء المدن والقرى والحواضر الجديدة. 
أدرك حيدر علييف أن الاستثمار الحقيقي يكمن أولا وقبل كل شيء في فئات الشباب، فهم قادة المستقبل والثروة الحقيقية لأي أمة، ومن هنا كانت من أهم أولوياته تأمين التعليم للشبات، وتمثل ذلك لهم في إنشاء المعاهد والجامعات المتقدمة في الاتحاد السوفياتي السابق، وبفضل ذلك أصبح معظمهم الآن علماء وخبراء وأساتذة كبار يساهمون في نهضة بلادهم.
وفي ديسمبر من عام 1982 انتخب حيدر علييف عضوا بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي، وعين في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الاتحاد السوفياتي السابق، وقد شكل ذلك نقلة نوعية كبيرة في تدرجه السياسي حيث أصبح يشغل منصبا كبيرا ومهما في الحزب الذي لا يقل عدد أعضائه عن 22 مليون شخص. بعد ذلك تم انتخابه عضوا بالقيادة العليا للحزب من بين 21 عضوا. وقد شكل انتخاب أول أذربيجاني بالمكتب السياسي حدثا هاما في تاريخ الشعب الأذربيجاني.
وفي 15 يونيو 1993 تم انتخاب حيدر علييف رئيسا لبرلمان أذربيجان.. وفي 24 من نفس الشهر، وبقرار من البرلمان، بدأ الرئيس حيدر علييف بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام تم انتخابه رئيسا للجمهورية من خلال الاستفتاء الشعبي العام.
وخلال فترة رئاسته وجه حيدر علييف عوائد البترول الأذربيجاني لإنعاش الحالة الاقتصادية في البلاد، وحل كثيرا من مشكلات البطالة مع توفير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.. ومن ثم بدأت أذربيجان تدخل في عصر النهضة الحديثة وتحولت الى دولة قيادية في المنطقة في كافة المجالات.
وكما هو معروف، فقد قام حيدر علييف خلال فترة رئاسته لأذربيجان بإنجازات عديدة تتمثل أولاها في “عقد القرن” مع الشركات البترولية العالمية لاستخراج البترول وإنشاء “خط أنابيب البترول باكو- تبليسي- جيهان” لنقل البترول الأذربيجاني الى البحر الأسود وغيرها من المشاريع العملاقة ذات الأهمية الإقليمية والدولية. وقد استخدم الزعيم القومي حيدر علييف صلاته وعلاقاته الشخصية مع قادة الدول الكبرى وثقله في المحافل الدولية لتحقيق مثل هذه الإنجازات.
أعيد انتخاب الرئيس حيدر علييف مرة أخرى في الانتخابات الرئاسية الثانية التي جرت في 11 أكتوبر عام 1998 لفترة رئاسية جديدة.
وطوال فترة حياته، عمل على تعزيز سيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية أذربيجان. وكان عهده يمثل بحق فترة التغيرات والتحولات الجذرية على طريق بناء الدولة الحديثة وما تم فيها من أحداث جذرية على السياسة الداخلية والخارجية ضمن أسس واضحة ومحددة، وبفضل ذلك دخلت أذربيجان بقيادة حيدر علييف مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر، وأصبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي ما جعلها تلفت أنظار العالم إلى وجهتها الصاعدة في منطقة القوقاز.
والجدير بالذكر، أنه واستمرارا في تعزيز أفكاره الخيرية لصالح الشعب الاذربيجاني وأصدقائه، تم تأسيس مؤسسة حيدر علييف في ذكرى الزعيم الوطني للشعب الاذربيجاني. وترأس المؤسسة نائبة رئيس جمهورية أذربيجان، سفيرة النوايا الحسنة لليونيسكو والايسيسكو السيدة مهريبان، علييافا. وتقوم مؤسسة حيدر علييف بتنفيذ وإنجاز العديد من المشاريع الممتدة على نطاق واسع بهدف الحفاظ على القيم الروحية الوطنية، وتعزيز الثقافة والحضارة الاذربيجانية، ودعم البرامج والأنشطة، وضمان تطوير مختلف الميادين.
في 12 ديسمبر 2003 رحل الفقيد والزعيم حيدر علييف، بعد أن وضع أذربيجان على الطريق الصحيح لتحقيق آمال الشعب في الحرية والرفاهية والازدهار. فالإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية الثابتة، والإدارة الفعالة، والسياسة الخارجية النشطة، جعلت من أذربيجان قائداً إقليميا وشريكا قويا موثوقا به في العلاقات الدولية. وهكذا ينهض القادة بأوطانهم وتسجل أسماءهم في سجلات التاريخ المجيد، وتبقى الأجيال تتذكر سيرة أبطالها وقادتها ليستلهموا منها العبرة والهمة والعزيمة لمواصلة المسير نحو التقدم والرقي والرفاهية والازدهار.
قد أقامت جمهورية أذريبجان علاقات دبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية الموريتانية في 29 أكتوبر 1994. وتدعم موريتانيا الموقف الشرعي والعادل لأذربيجاني على سلامة أراضي الدول وسيادتها عليها وكذلك حرمة الحدود المعترف بها دوليا، وفي إطار قرارات منظمة التعاون الإسلامي المتعلقة بإدانة العدوان العسكري الأرميني ضد أذربيجان، و تدمير التراث الديني الثقافي للشعب الأذربيجاني على أراضيه المحتلة، ومطالبتها بالانسحاب الفوري وألا مشروط من الأراضي التي احتلتها ا وعودة اللاجئين والمشردين داخليا إلى أراضيهم الأصلية.

لقد فتحت زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية انذاك إلى جمهورية أذربيجان عام 2010 صفحة الجديدة في العلاقات الثنائية. والتقى رئيس الجمهورية في حينه السيد محمد ولد عبد العزيز خلال زيارته مع نظيره رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف، وتم توقيع عدة اتفاقيات تتعلق بالمجال الزراعي والبيطري والسياحة والطاقة، والثقافة، وأكد الرئيسان بالمناسبة عزمهما وإصرارهما على ترقية وتنمية العلاقات بين البلدين ليس في مجال التنمية الاقتصادية فحسب وإنما على مستوى تنسيق المواقف عبر المؤسسات الدولية خدمة لمصلحة الشعبين..
وبفضل قيادة الرئيس إلهام علييف - الذي يواصل بإبداع جليل استراتيجية التنمية المحددة من قبل الزعيم الوطني حيدر علييف، وبرامج الإصلاحات المتعددة - تخطت أذربيجان، وبشكل واضح وسريع، مرحلة التنمية التي تتجاوزها العديد من البلدان المتقدمة على مدى عقود لتصبح أول بلد اختتم المرحلة الانتقالية على صعيد ما بعد السوفييت، حيث أشاد البنك العالمي والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية بالإصلاحات التنموية الجارية في أذربيجان