اختفاء أطفال في ظروف غامضة..
لم تنته جرائم اغتصاب وقتل الأطفال في تفرغ زينه على الجرائم التي سردنا خلال الجزء الأول من الحديث عن جرائم واغتصاب وقتل ضد الأطفال في تفرغ زينه، والذي أثاره الجرائم التي نفذها المواطن الفرنسي ضد الأطفال والذي تم ضبطه وإحالته للسجن خلال الأسابيع الماضية.
بدأ الجزء الثاني من القصص المروعة التي أثارت خوف سكان تفرغ زينه في نهاية الشهر قبل الأخير من سنة 2003 أي في نوفمبر.
وكان أول بلاغ سجل في مخفر الشرطة بتفرغ زينه واحد عن اختفاء طفل في ظروف غامضة كان ضمن أطفال اسر يحرسون المنازل في تفرغ زينه.. ونشطت الشرطة في البحث عنه.. لكن الظروف الغامضة التي اختفى فيها الطفل، بحيث لم يترك أثرا يمكن تتبعه، أربك الشرطة، وتركت للصدفة لعب الكشف عن المستور.
بعد أسبوع من الحادثة أعلنت سيدة تعمل بائعة سمك في سوق الحدائق عن اختفاء ولدها الذي كان يسابق الدراجات الهوائية في ساحة بالقرب من السوق الذي تعمل فيه. وقالت إن الأطفال الذين كانوا يلعبون معه لاحظوا وجوده مع شخص لكنهم لم ينتبهوا إليه. ولذلك لم يقدموا معلومات عن الشخص الذي كان يقف مع ولدها.
في وقت متأخر من الليل، أو قبل الفجر بقليل.. دخل الطفل(يوسف عثمان) البالغ من العمر تسع سنوات على والدته في منزلها، وقلبه يكاد يخرج من فمه من الهلع والخوف، ولم تستطع أن تتبين منه شيئا، وعملت على تهدئة روعه، وطمأنة باله. وكان يهذي ببعض الكلمات التي توحي انه كان قد تعرض لهول عظيم.
في الصباح وبعد أن استعاد الطفل سكينته، وتأكد انه في أمان..حكا على والدته أنه تعرض لاستدراج من طرف رجل متقدم في العمر هيئته غريبة رأسه مغطى بجدائل شعر طويلة يرتدي ملابس رثة، طويل القامة مع عضلات قوية وجسم ضخم.. قال الكفل ان الشخص نادي عليه من بين الأطفال وسأله عن أسرة.. وعندما قال له أنه لا يعرفها.. قال له إن لدية ألعابا مسلية ويريد أن يهديه واحدة منها.. ورغب الطفل في الحصول على الهدية، وتسلل مع الرجل خفية حتى لا يتنبه الأطفال فيطلبوا منه هدية.. وبعد قطع مسافة طويلة، استقل سيارة أجرة، ونزل منها في طرف تفرغ زينه الشمالي .. وتابع السير إلى كوخه الذي قال انه غير بعيد، وأنه يحتفظ فيه بالألعاب.. يقول الطفل أنهم تابعو السير، وبعد قطع مسافة خالجه الشك وتسلل الخوف إليه، وارتجفت أوصاله.. وطلب من الرجل أن يتركه ليعود.. لكن الشخص قام ببطحه أرضا وتوثيق يديه، وحمله على رأسه، وقطع به مسافة طويلة حتى وصلوا إلى مكان أقرب ما يكون بالمغارة.. بركة كبيرة تفوح منها رائحة نتنة.. كان الليل قد اقبل والظلام أسدل ستاره الدامس على المنطقة..اخرج الشخص مجموعة من الآلات بينها أمواس، وخلع سرباله، وبدأ في اغتصابه،وأثناء ذلك انحلت عقدة الحبل الذي يقيد يديه..واستغل الطفل تلك الفرصة عندما رفع الشخص جسمه عنه ينوى تحضيره للذبح، هرب مسرعا على غير هدى، وذهب الشخص في أثره.. ولم يتوقف الطفل من جريه حتى وصل على المدينة بعد قطع مسافة طويلة، ودخل على والدته قبل الصبح بقليل.
خيط ..تحوله الشرطة إلى وهم وقصة مفبركة..
في الصباح قادت السيدة ابنها إلى الشرطة في المفوضية حيث تم عرضه على الشرطة القضائية، التي كيفت حكاية الطفل أنها من تصور خياله، وأن مكان مجرد كذبة اختلقها للهروب من شيء ما .
غادرت والدة الطفل المفوضية غير مطمئنة.. لديها الكثير من الشكوك خلقتها لها الشرطة من أن ابنها اختلق القصة التي حكا عليها ليبرر بها غياب يسوده الغموض..ومع ذلك ظلت تحاول البحث عن شخص يفكك لها الغموض المختلط بالخوف ..
قادها أحد أقاربها إلى مفوضية الشرطة في عرفات واحد، وفي مكتب البحث بقسم الشرطة القضائية، حكت تفاصيل ما جرى بشرح ممل، كما حكا الطفل القصة التي حدثت معه بتفاصيل أكثر من قبل .. وتجاوبت معه عناصر الفرقة.. واحتفظت برقم هاتف والدته، وطلبت منها أن تظل على اتصال بها في أي طارئ يلاحظه الطفل .
ولم تطل الأيام حتى جاءت والدة الطفل رفقة أسرة أخرى فقدت طفلها في تفرغ زينه، ولم تعثر له على اثر.إلى الشرطة في عرفات ..وقد أثارت قصة اختفاء الطفل الأخير على أعلى مستوى جعل السلطات الإدارية والأمنية تهتم بالبحث عن الطفل.
واستدعيت فرق البحث إلى الإدارة، وكلفت بمهمة البحث عن الطفل المختفي. هنا تقدمت فرقة البحث في عرفات للمدير بتقرير عن مجموعة من حالات الاختفاء لأطفال تم الإعلان عنها، مع تقديم تصور عن الظروف التي تم فيها الاختفاء، ودمج حادثة الطفل الذي كان إحدى تلك الحالات، وشمل التقرير الاشتباه في شخص متوحش وراء اختفاء لأطفال المفقودين..
وبسبب ثقة الإدارة في الفرقة فقد اعتمدت التصور وأعطتها الإشارة الخضراء في البحث على الاستراتيجية التي ترى أنها مناسبة لفك اللغز المحير.
القصة الوهمية تقود إلى المجرم...
بدأت الفرقة البحث مع الصبي الذي كانت جميع المعلومات لديه حول الطريق غير واضحة، لان الوقت كان الليل والظلام، الأمر الذي لم يستطع منه حفظ معالم للطريق التي سلكها ذهابا وجيئة.. المكان الوحيد الذي يحفظه، مكان توقفت سيارة التاكسي للتي استقلها الشخص لأن الطريق من وراء ذلك وعرة وكثيرة الرمال، ولا يمكن للسيارة اجتيازها..
رافقت الفرقة الصبي إلى طرف تفرغ زينه الشمالي.. الطريق الصحراوي حاليا.. ومن هناك تفرقت عناصر الفرقة .بعضها تمترس في نقاط بالمكان.. وبعضها ذهب يتتبع الأثر رفقة الطفل. لعل وعسى أن تعثر على مكان البركة التي يقول الطفل أنها كبيرة وتفوح منها رائحة نتنة..
قطع العناصر مسافة طويلة سيرا على الأقدام تقدر بما يناهز خمسة عشر كلم، وأثناء السير والبحث عثروا على البركة التي تعرف عليها الطفل من أول مشاهدة.. ودل الفرقة على المكان الذي يخفي فيه الشخص سلة السكاكين، وتم العثور على السكاكين، وبعد نزع الغطاء عن البركة، هبت رائحة نتنة، وتأكد العناصر انه المكان الذي يبحثون عنه..وعلى مقربة من المكان المحاط بالكثبان الرملية، والنباتات. اختفى العناصر ينتظرون عودة الشخص..
مر يومان على عناصر الفرقة في انتظار عودة الشخص.. وفي منتصف النهار من اليوم الثالث وبينما العناصر في مكانهم.. سمعوا صوت صراخ طفل يطلب النجدة..وتابعوا الجهة التي ينبعث منها الصوت.. فإذا بالشخص الذي كان الطفل قد تحدث عنه، وعلى كتفه طفلا مقيد اليدين والرجلين.. وعندما اقترب من البركة هاجمه عناصر الفرقة ، اللذين تفاجأ بوجودهم فرمى الطفل، وعاد أدراجه جريا يسابق الريح.. ودخل معه عناصر الفرقة في مطاردة عنيفة.. وتصلوا بالعناصر المرابطة في المدخل ليغلقوا عليه الطريق وبعد اجتياز مسافة طويلة من المطاردة تم القبض على المشتبه فيه، واقتياده إلى المفوضية عرفات1 للتحقيق معه..
كان المشتبه فيه(سالف بنيا)من مواليد 1965 في سراليون) عسكري سابق في الجيش، دخل موريتانيا بغرض الهجرة إلى أوروبا.. عمل في تهريب المخدرات، وتوزيعها، عبر سياقة سيارة الأجرة ..
وكشف في التحقيق أنه وراء جميع ما كان تم اختطافه من الأطفال..وأنه كان يمارس عليهم الاغتصاب .. ثم يتغذي منهم إذا جاع..
وتم إيداعه للسجن ..