الحوادث- الغالية .. سيدة في الخامسة والثلاثين من العمر،تنحدر من وسط اجتماعي يعد من أنبل الطبقات الاجتماعية..تعيش مع والدها وأخوة صغار .. تنقلت الغالية في دراستها حتى حصلت على شهادة ختم الدروس الابتدائي في حي شعبي فقير بالميناء أيام كان والدها على قيد الحياة، ثم تابعت لتحصل بعد ذلك على شهادة ختم الدروس الإعدادية بتميز جعل إدارة المدرسة تنظم لها حفلا خاصا بالمناسبة دعت له السلطات الإدارة، وقدم لها مدير المدرسة جائزة التكريم بين صديقاتها وأصدقائها في حضور كبير.. حاولت أن تحصل على عمل تساعد به أسرتها في تكاليف العيش التي عجز والدها عن تحمله بسبب مرض ألم به، أقعده عن الحركة..لكنها لم تفلح في المسابقات التي شاركت فيها، رغم أن صديقات لها كن في طليعة صف الكسولات المشاغبات في المدرسة نجحن وانخرطن في سلك التعليم، وبعضهن انخرطن في سلك التمريض.. تابعت الغالية دراستها رغم الواقع المرير الذي عاشته، خاصة بعد فقد والدها الذي أصيب بجلطة بعد سنوات قضاها مقعدا في المنزل تصرف عليها الوالدة من بقايا محله التجاري الذي كان هو مصدر عيش الأسرة ... وظلت والدة الغالية تحافظ على المحل الذي شهد هزات عنيفة وخسائر بعد موت الوالد، حيث سُحبت منه مبالغ مالية كان الوالد مطالب بها من قبل بعض التجار.. ولم يبق في المحل غير القيل من البضاعة تقوم الوالدة على تسييره.. نجحت الغالية في مسابقة ختم الدروس الثانوية بمعدل جيد، وتوقعت أن يتبسم لها الحظ، وتحصل على وظيفة بشهادة الباكلوريا.. وشاركت في مجموعة من المسابقات، لكنها سقطت في جميع المسابقات التي شاركت فيها، رغم أن زميلات لها قل مستوى منها حالفهن الحظ بالوظيفة..وفي كل مرة كانت الغالية تستغرب من سقوطها رغم أن إجاباتها في المسابقات كانت جيدة .
شجعت الوالدة الغالية على التسجيل في الجامعة لتحصل على شهادتها.. وأذعنت مرغمة لإرضاء الوالدة للتسجيل في الجامعة ، وأثناء الدراسة في الجامعة حصلت على دورة تكوينية في مجال الطباعة والمعلوماتية من فاعل خير لديه وراقة، وصارت تحصل من فاعل الخير على أجر زهيد، كان فاعل الخير يشجعها به على المتابعة في الدراسة وتعليم مهنة ستساعدها في المستقبل على العمل ..و في ظرف قصير استطاعت الغالية أن تحذق فن الطباعة وتتفنن المعلوماتية،واضطر الوراقق إلى أن يقسم لها راتبا لأنه يحتاج إلى حذاقتها وذكائها.. ومرت أعوام الدراسة في الجامعة ، وحصلت الغالية على متريز بدرجة متميزة..ثم شاركت في مجموعة من المسابقات منها الأساتذة والمعلمين ... لكنها لم تفلح في الالتحاق بالوظيفة فقد سقطت في المساقات..
وشغلها ما تحصل عليه من الوراقة عن التفكير في الوظيفة.. بل زادت على عمل الوراقة ببعض الأعمال تقوم بها للأشخاص في منزلها بعد أن حصلت على جهاز معلوماتي اشترته بالتقسيط .. لكنها تعرضت لمرض أرغمها على الإقلاع عن العمل على المعلوماتية.. وتنقلت بها والدتها بين المصحات وبيوت الراقين بغرض العلاج، لكن حالتها كانت تسوء يوما بعد يوم..وبعد فترة من التداول بين المصحات الطبية، ونفاد ما كان في المحل ، قررت الوالدة أن تبيع كل ما لديها من قطعة الأرض، والمحل، وتسافر بابنتها خارج البلاد لعلاجها..وتوجهت إلى سنغال حيث عرضتها بفضل إرشادات مساعد على طبيب في احد مستشفيات دكار.. وبعد فحص وتحليل الحالة التي تعاني منها الغالية تبين أن ما تعاني منه ناتج عن النقر بالأصابع على الكتابة، وسبب لها تقلص في الدم.. ومنعها من ممارسة أي عمل على الآلة الكاتبة مهما كان شكله، حتى ولو على الهاتف.. وكتب لها وصفة.. وتماثلت الغالية للشفاء، وعادت مع والدتها إلى العاصمة نواكشوط ، حيث قررت فتح مسمكة لبيع الخضار في حي من أحياء عرفات حتى تتمكن من الحصول على مصروف تعيش عليه وأمها وإخوتها ..